responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 250
بَابِ زَيْدٍ فَاضْرِبْهُ، فَكَمَا أَنَّ الْمُخْتَارَ فِي هَذَا الرَّفْعِ فَكَذَلِكَ فِي الْآيَتَيْنِ. وَقَوْلُ الرَّازِيِّ:
لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرَّاءِ مَنْ قرأ: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما [1] بِالنَّصْبِ إِلَى آخَرِ كَلَامِهِ، لَمْ يَقُلْ سِيبَوَيْهِ إِنَّ النَّصْبَ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ أَوْلَى، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرَّاءِ مَنْ يَنْصِبُ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا، بَلْ حَلَّ سيبويه هذا الْآيَةَ مَحَلَّ قَوْلِهِ: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَحْذُوفِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ [2] فَخَرَّجَ سِيبَوَيْهِ الْآيَةَ عَلَى الْإِضْمَارِ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَدْ يَجْرِي هَذَا فِي زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَلَى هَذَا الْحَدِّ إِذَا كُنْتَ تُخْبِرُ بِأَشْيَاءَ، أَوْ تُوصِي، ثُمَّ تَقُولُ: زَيْدٌ أَيْ زَيْدٌ فِيمَنْ أُوصِي فَأَحْسِنْ إِلَيْهِ وَأَكْرِمْهُ، وَيَجُوزُ فِي: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ، أَنْ يَرْتَفِعَ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالْجُمْلَةُ الَّتِي فِيهَا الْفَاءُ خَبَرٌ لِأَنَّهُ مَوْصُولٌ مُسْتَوْفٍ شُرُوطَ الْمَوْصُولِ الَّذِي يَجُوزُ دُخُولُ الْفَاءِ فِي خَبَرِهِ لِشَبَهِهِ بِاسْمِ الشَّرْطِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ دُخُولَ الْفَاءِ فِي خَبَرِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي مَجْرَى اسْمِ الشَّرْطِ، فَلَا يُشَبَّهُ بِهِ فِي دُخُولِ الْفَاءِ.
قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: الثَّالِثُ يَعْنِي: مِنْ وُجُوهِ فَسَادِ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ إِنَّا إِنَّمَا قُلْنَا السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ هُوَ الَّذِي يُضْمِرُهُ، وَهُوَ قَوْلُنَا: فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ، وَفِي شَيْءٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا. (قُلْتُ) : تَقَدَّمَ لَنَا حِكْمَةُ الْمَجِيءِ بِالْفَاءِ وَمَا رَبَطَتْ، وَقَدْ قَدَّرَهُ سِيبَوَيْهِ: وَمِمَّا فُرِضَ عَلَيْكُمُ السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، وَالْمَعْنَى: حُكْمُ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ، لِأَنَّهَا آيَةٌ جَاءَتْ بَعْدَ ذِكْرِ جَزَاءِ الْمُحَارِبِينَ وَأَحْكَامِهِمْ، فَنَاسَبَ تَقْدِيرَ سِيبَوَيْهِ. وَجِيءَ بِالْفَاءِ رَابِطَةً الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ بِالْأُولَى، وَالثَّانِيَةُ جَاءَتْ مُوَضِّحَةً لِلْحُكْمِ الْمُبْهَمِ فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ. قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: فَإِنْ قَالَ- يَعْنِي سِيبَوَيْهِ- الْفَاءُ تَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، يَعْنِي: أَنَّهُ إِذَا أَتَى بِالسَّرِقَةِ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، فَنَقُولُ: إِذَا احْتَجْتَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ أَنْ تَقُولَ السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ تَقْدِيرُهُ مَنْ سَرَقَ، فَاذْكُرْ هَذَا أَوَّلًا حَتَّى لَا يُحْتَاجَ إِلَى الْإِضْمَارِ الَّذِي ذَكَرْتَهُ. (قُلْتُ) : هَذَا لَا يَقُولُهُ سِيبَوَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا حُكْمَ الْفَاءِ وَفَائِدَتَهَا.
قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: الرَّابِعُ: يَعْنِي مِنْ وُجُوهِ فَسَادِ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ إِذَا اخْتَرْنَا الْقِرَاءَةَ بِالنَّصْبِ، لَمْ تَدُلَّ عَلَى أَنَّ السَّرِقَةَ عِلَّةٌ لِوُجُوبِ الْقَطْعِ. وَإِذَا اخْتَرْنَا الْقِرَاءَةَ بِالرَّفْعِ أَفَادَتِ الْآيَةُ هَذَا الْمَعْنَى، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُتَأَكِّدٌ بِقَوْلِهِ: جَزَاءً بِمَا كَسَبَا، فَثَبَتَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالرَّفْعِ أَوْلَى. (قُلْتُ) : هَذَا عَجِيبٌ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، يَزْعُمُ أَنَّ النَّصْبَ لَا يُشْعِرُ بِالْعِلَّةِ الموجبة للقطع

[1] سورة النساء: 4/ 16.
[2] سورة النساء: 4/ 15.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 250
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست