responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 251
وَيُفِيدُهَا الرَّفْعُ، وَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنْ التَّعْلِيلِ بِالْوَصْفِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الْحُكْمُ؟ فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ لَوْ قُلْتَ: السَّارِقُ لِيُقْطَعَ، أَوِ اقْطَعِ السَّارِقَ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيلُ. وَكَذَلِكَ الزَّانِي لِيُجْلَدْ، أَوِ اجْلِدِ الزَّانِيَ. ثُمَّ قَوْلُهُ: إِنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُتَأَكِّدٌ بِقَوْلِهِ: جَزَاءً بِمَا كَسَبَا، وَالنَّصْبُ أَيْضًا يَحْسُنُ أَنَّ يُؤَكَّدَ بِمِثْلِ هَذَا، لَوْ قُلْتَ: اقْطَعِ اللِّصَّ جَزَاءً بِمَا كَسَبَ صَحَّ.
وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: الْخَامِسُ: يَعْنِي مِنْ وُجُوهِ فَسَادِ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ، أَنَّ سِيبَوَيْهِ قَالَ:
وَهُمْ يُقَدِّمُونَ الْأَهَمَّ فَالْأَهَمَّ. وَالَّذِي هُمْ بِبَيَانِهِ أَعْنَى: فَالْقِرَاءَةُ بِالرَّفْعِ تَقْتَضِي ذِكْرَ كَوْنِهِ سَارِقًا عَلَى ذِكْرِ وُجُوبِ الْقَطْعِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ الْعِنَايَةِ مَصْرُوفًا إِلَى شَرْحِ مَا يَتَعَلَّقُ بِحَالِ السَّارِقِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ سَارِقٌ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالنَّصْبِ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الْعِنَايَةُ بِبَيَانِ الْقَطْعِ أَتَمَّ مِنَ الْعِنَايَةِ بِكَوْنِهِ سَارِقًا. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانُ تَقْبِيحِ السَّرِقَةِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الزَّجْرِ عَنْهَا، فَثَبَتَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالرَّفْعِ هِيَ الْمُتَعَيِّنَةُ قَطْعًا. (قُلْتُ) :
الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُقَدِّمُونَ الَّذِي بَيَانُهُ أَهَمُّ لَهُمْ، وَهُمْ بِبَيَانِهِ أَعْنَى هُوَ مَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ نِسْبَةُ الْإِسْنَادِ كَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: فَإِنْ قَدَّمْتَ الْمَفْعُولَ وَأَخَّرْتَ الْفَاعِلَ جَرَى اللَّفْظُ كَمَا جَرَى فِي الْأَوَّلِ يَعْنِي: فِي ضَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ زَيْدًا قَالَ: وَذَلِكَ ضَرَبَ زَيْدًا عَبْدُ اللَّهِ، لِأَنَّكَ إِنَّمَا أَرَدْتَ بِهِ مُؤَخَّرًا مَا أَرَدْتَ بِهِ مُقَدَّمًا، وَلَمْ تُرِدْ أَنْ تُشْغِلَ الْفِعْلَ بِأَوَّلَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُؤَخَّرًا فِي اللَّفْظِ، فَمِنْ ثَمَّ كَانَ حَدُّ اللَّفْظِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مُقَدَّمًا، وَهُوَ عَرَبِيٌّ جَيِّدٌ كَثِيرٌ كَأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ الَّذِي بَيَانُهُ لَهُمْ أَهَمُّ، وَهُمْ بِبَيَانِهِ أَعْنَى: وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا يُهِمَّانِهِمْ وَيَعْنِيَانِهِمْ انْتَهَى.
وَالرَّازِيُّ حَرَّفَ كَلَامَ سِيبَوَيْهِ وَأَخَذَهُ حَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ اخْتِلَافُ نِسْبَةٍ وَهُوَ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا نِسْبَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، لِأَنَّ الْمُخَاطِبَ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي ذِكْرِ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الضَّرْبُ فَيُقَدِّمُ الْفَاعِلَ، أَوْ فِي ذِكْرِ مَنْ حَلَّ بِهِ الضَّرْبُ فَيُقَدِّمُ الْمَفْعُولَ، لِأَنَّ نِسْبَةَ الضَّرْبِ مُخْتَلِفَةٌ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِمَا. وَأَمَّا الْآيَةُ فَهِيَ مِنْ بَابِ مَا النِّسْبَةُ فِيهِ لَا تَخْتَلِفُ، إِنَّمَا هِيَ الْحُكْمُ عَلَى السَّارِقِ بِقَطْعِ يَدِهِ. وَمَا ذَكَرَهُ الرَّازِيُّ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى كَلَامِ سِيبَوَيْهِ بِوَجْهٍ، وَالْعَجَبُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَتَجَاسُرِهِ عَلَى الْعُلُومِ حَتَّى صَنَّفَ فِي النَّحْوِ كِتَابًا سَمَّاهُ الْمُحَرَّرَ، وَسَلَكَ فِيهِ طَرِيقَةً غَرِيبَةً بَعِيدَةً مِنْ مُصْطَلَحِ أَهْلِ النَّحْوِ وَمِنْ مَقَاصِدِهِمْ، وَهُوَ كِتَابٌ لَطِيفٌ مُحْتَوٍ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِ الْعَرَبِيَّةِ، وَقَدْ سَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا جَعْفَرِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَذْكُرُ هَذَا التَّصْنِيفَ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست