responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 249
وَتَلْخِيصُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ: أَنَّ الْجُمْلَةَ الْوَاقِعَةَ أَمْرًا بِغَيْرِ فَاءٍ بَعْدَ اسْمٍ يُخْتَارُ فِيهِ النَّصْبُ وَيَجُوزُ فِيهِ الِابْتِدَاءُ، وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ خَبَرُهُ، فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْفَاءُ فَإِمَّا أَنْ تُقَدِّرَهَا الْفَاءَ الدَّاخِلَةَ عَلَى الْخَبَرِ، أَوْ عَاطِفَةً. فَإِنْ قَدَّرْتَهَا الدَّاخِلَةَ عَلَى الْخَبَرِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الِاسْمُ مُبْتَدَأً وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ خَبَرَهُ، إِلَّا إِذَا كَانَ الْمُبْتَدَأُ أُجْرِيَ مُجْرَى اسْمِ الشَّرْطِ لِشَبَهِهِ بِهِ، وَلَهُ شُرُوطٌ ذُكِرَتْ فِي النَّحْوِ. وَإِنْ كَانَتْ عَاطِفَةً كَانَ ذَلِكَ الِاسْمُ مَرْفُوعًا، إِمَّا مُبْتَدَأٌ كَمَا تَأَوَّلَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، وَإِمَّا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قِيلَ: الْقَمَرُ وَاللَّهِ فَانْظُرْ إِلَيْهِ. وَالنَّصْبُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى دُونَ الرَّفْعِ، لِأَنَّكَ إِذَا نَصَبْتَ احْتَجْتَ إِلَى جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ تُعْطَفُ عَلَيْهَا بِالْفَاءِ، وَإِلَى حَذْفِ الْفِعْلِ النَّاصِبِ، وَإِلَى تَحْرِيفِ الْفَاءِ إِلَى غَيْرِ مَحَلِّهَا. فَإِذَا قُلْتَ زَيْدًا فَاضْرِبْهُ، فَالتَّقْدِيرُ: تَنَبَّهْ فَاضْرِبْ زَيْدًا اضْرِبْهُ. حُذِفَتْ تَنَبَّهْ، وَحُذِفَتِ اضْرِبْ، وَأُخِّرَتِ الْفَاءُ إِلَى دُخُولِهَا عَلَى الْمُفَسَّرِ. وَكَانَ الرَّفْعُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا حَذْفُ مُبْتَدَأٍ، أَوْ حَذْفُ خَبَرٍ. فَالْمَحْذُوفُ أَحَدُ جُزْئَيِ الْإِسْنَادِ فَقَطْ، وَالْفَاءُ وَاقِعَةٌ فِي مَوْقِعِهَا، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ سِيَاقُ الْكَلَامِ وَالْمَعْنَى. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما [1] وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [2] فَإِنَّ هَذَا لَمْ يُبْنَ عَلَى الْفِعْلِ، وَلَكِنَّهُ جَاءَ عَلَى مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ [3] ثُمَّ قَالَ بَعْدُ فِيهَا: أَنْهارٌ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّمَا وُضِعَ مَثَلٌ لِلْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَذُكِرَ بَعْدَ أَخْبَارٍ وَأَحَادِيثَ كَأَنَّهُ قَالَ: وَمِنَ الْقَصَصِ مَثَلُ الْجَنَّةِ أَوْ مِمَّا نَقُصُّ عَلَيْكُمْ مَثَلُ الْجَنَّةِ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا الْإِضْمَارِ أَوْ نَحْوِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَذَلِكَ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي لَمَّا قَالَ تَعَالَى: سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها [4] قَالَ فِي الْفَرَائِضِ: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي أَوِ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي [5] فِي الْفَرَائِضِ ثُمَّ قَالَ: فَاجْلِدُوا، فَجَاءَ بِالْفِعْلِ بَعْدَ أَنْ مَضَى فِيهَا الرَّفْعُ كَمَا قَالَ: وَقَائِلَةٍ خَوْلَانُ فَانْكِحْ فَتَاتَهُمْ، فَجَاءَ بِالْفِعْلِ بَعْدَ أَنْ عَمِلَ فِيهِ الضَّمِيرُ، وَكَذَلِكَ السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ. كَأَنَّهُ قَالَ:
مِمَّا فُرِضَ عَلَيْكُمُ السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ، أَوِ السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فِيمَا فُرِضَ عَلَيْكُمْ. وَإِنَّمَا جَاءَتْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ بَعْدَ قَصَصٍ وَأَحَادِيثَ انْتَهَى.
فَسِيبَوَيْهِ إِنَّمَا اخْتَارَ هَذَا التَّخْرِيجَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ كُلْفَةً مِنَ النَّصْبِ مَعَ وُجُودِ الْفَاءِ، وَلَيْسَتِ الْفَاءُ الدَّاخِلَةَ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ، لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ فِي أَلِ الْمَوْصُولَةِ. فَالْآيَتَانِ عِنْدَهُ من

[1] سورة النور: 24/ 2.
[2] سورة المائدة: 5/ 38.
[3] سورة الرعد: 13/ 35.
[4] سورة النور: 24/ 1.
[5] سورة النور: 24/ 2.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست