responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 117
وَإِنَّمَا جَازَ فِيهِ الْبَدَلُ، لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: مَا فِي الدَّارِ إِلَّا حِمَارٌ صَحَّ الْمَعْنَى. وَقِسْمٌ يَتَحَتَّمُ فِيهِ النَّصْبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا يُسَوَّغُ فِيهِ الْبَدَلُ، وَهُوَ مَا لَا يُمْكِنُ تَوَجُّهُ الْعَامِلِ عَلَيْهِ نَحْوَ: الْمَالُ مَا زَادَ إِلَّا النَّقْصَ. التَّقْدِيرُ: لَكِنَّ النَّقْصَ حَصَلَ لَهُ، فَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَوَجَّهَ زَادَ عَلَى النَّقْصِ، لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: مَا زَادَ إِلَّا النَّقْصُ لَمْ يَصِحَّ الْمَعْنَى، وَالْآيَةُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ، لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ:
لَا يُحِبُّ اللَّهُ أَنْ يَجْهَرَ بالسوء إلا الظالم، فيفرع أَنْ يَجْهَرَ لِأَنْ يَعْمَلَ فِي الظَّالِمِ لَمْ يَصِحَّ الْمَعْنَى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْ مَرْفُوعًا كَأَنَّهُ قِيلَ: لَا يُحِبُّ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ إِلَّا الظَّالِمُ، عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ: مَا جَاءَنِي زَيْدٌ إِلَّا عَمْرٌو، بِمَعْنَى: مَا جَاءَنِي إِلَّا عَمْرٌو. وَمِنْهُ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [1] انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي جَوَّزَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ يُذْكَرُ لَغْوًا زَائِدًا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الظَّالِمُ بَدَلًا مِنَ اللَّهِ، وَلَا عَمْرٌو بَدَلًا مِنْ زَيْدٍ، لِأَنَّ الْبَدَلَ فِي هَذَا الْبَابِ رَاجِعٌ فِي الْمَعْنَى إِلَى كَوْنِهِ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ، إِمَّا عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ نَحْوِ: مَا قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدٌ، وَإِمَّا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ نَحْوَ: مَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ إِلَّا حِمَارٌ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ وَلَا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَلَمٌ وَكَذَا زَيْدٌ هُوَ عَلَمٌ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَخَيَّلَ فِيهِ عُمُومٌ، فَيَكُونُ الظَّالِمُ بَدَلًا مِنَ اللَّهِ، وَعَمْرٌو بَدَلًا مِنْ زَيْدٍ.
وَأَمَّا مَا يَجُوزُ فِيهِ الْبَدَلُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ فَإِنَّهُ يُتَخَيَّلُ فِيمَا قَبْلَهُ عُمُومٌ، وَلِذَلِكَ صَحَّ الْبَدَلُ منه على طريق المحاز، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْضًا مِنَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ حَقِيقَةً. وَأَمَّا قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ:
عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ مَا جَاءَنِي زَيْدٌ إِلَّا عَمْرٌو، فَلَا نَعْلَمُ هَذِهِ اللُّغَةَ، إِلَّا أَنَّ فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَنْشَدَ أَبْيَاتًا مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ آخِرُهَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَشِيَّةَ لَا تُغْنِي الرِّمَاحُ مَكَانَهَا ... وَلَا النَّبْلُ إِلَّا الْمَشْرَفِيُّ الْمُصَمَّمُ
مَا نَصُّهُ وَهَذَا يُقَوِّي: مَا أَتَانِي زَيْدٌ إِلَّا عَمْرٌو، وَمَا أَعَانَهُ إِخْوَانُكُمْ إِلَّا إِخِوَانُهُ، لِأَنَّهَا مَعَارِفُ لَيْسَتِ الْأَسْمَاءُ الْآخِرَةُ بِهَا وَلَا مِنْهَا، انْتَهَى كَلَامُ سِيبَوَيْهِ. وَلَمْ يُصَرِّحْ وَلَا لَوَّحَ أَنَّ قَوْلَهُ: مَا أَتَانِي زَيْدٌ إِلَّا عَمْرٌو مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقِيلَ: مِنْ شَرْحِ سِيبَوَيْهِ، فَهَذَا يُقَوِّي: مَا أَتَانِي زَيْدٌ إِلَّا عَمْرٌو، أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ هَذَا مِنْ كَلَامِهِمْ، لِأَنَّ النَّبْلَ مَعْرِفَةٌ لَيْسَ بِالْمَشْرَفِيِّ، كَمَا أَنَّ زَيْدًا لَيْسَ بِعَمْرٍو، وَكَمَا أَنَّ أُخْوَةَ زَيْدٍ لَيْسُوا إِخْوَانَكُمْ انْتَهَى. وَلَيْسَ مَا أَتَانِي زَيْدٌ إِلَّا عَمْرٌو نَظِيرًا لِلْبَيْتِ، لِأَنَّهُ يُتَخَيَّلُ عُمُومٌ فِي الْبَيْتِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، كَأَنَّهُ قيل: لا يغني

[1] سورة النمل: 27/ 65.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست