responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 116
مُتَعَلِّقٌ بِالْجَهْرِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مُعَرَّفٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَالْفَاعِلُ محذوف، وبالجهر فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَمِنْ أَجَازَ أَنْ يُنْوَى فِي الْمَصْدَرِ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ قَدَّرَ أَنَّ بِالسُّوءِ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، التَّقْدِيرُ: أَنْ يُجْهَرَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ مَنْ ظُلِمَ بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ الْفَاعِلِ الْمَحْذُوفِ التَّقْدِيرُ: إِنْ أَحَدٌ إِلَّا الْمَظْلُومَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْفَرَّاءِ. أَجَازَ الْفَرَّاءُ فِيمَا قَامَ إِلَّا زَيْدٌ أَنْ يَكُونُ زَيْدٌ بَدَلًا مِنْ أَحَدٍ. وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنَ الْمُسْتَثْنَى الَّذِي فَرَغَ لَهُ الْعَامِلُ، فَيَكُونُ مَرْفُوعًا عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ بِالْمَصْدَرِ.
وَحَسَّنَ ذَلِكَ كَوْنُ الْجَهْرِ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ: لَا يَجْهَرُ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا الْمَظْلُومُ.
وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَالضَّحَّاكُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو رَجَاءٍ: إلا من ظلم مبنيا لِلْفَاعِلِ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ. فَقَدَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ: لِأَنَّ الظَّالِمَ رَاكِبٌ مَا لَمْ يُحِبَّهُ اللَّهُ فَيَجْهَرُ بِالسُّوءِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْمَعْنَى إِلَّا مَنْ ظَلَمَ فِي فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ فَاجْهُرُوا لَهُ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ فِي مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ فِعْلِهِ، وَالتَّوْبِيخِ وَالرَّدِّ عَلَيْهِ. قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَخْبَرَ عَنِ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، كَانَ ذَلِكَ خَبَرًا بِسُوءٍ مِنَ الْقَوْلِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ [1] الْآيَةَ عَلَى مَعْنَى التَّأْسِيسِ وَالِاسْتِدْعَاءِ إِلَى الشُّكْرِ وَالْإِيمَانِ، ثُمَّ قَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ فِي إِقَامَتِهِ عَلَى النِّفَاقِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ لَهُ: أَلَسْتَ الْمُنَافِقَ الْكَافِرَ الَّذِي لَكَ فِي الْآخِرَةِ الدَّرْكُ الْأَسْفَلُ؟ وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْأَقْوَالِ. وَقَالَ قَوْمٌ: تَقْدِيرُهُ: لَكِنْ مَنْ ظُلِمَ فَهُوَ يَجْهَرُ بِالسُّوءِ وَهُوَ ظَالِمٌ فِي ذَلِكَ، فَهِيَ ثَلَاثَةُ تَقَادِيرَ فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ: أَحَدُهَا: رَاجِعٌ لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى وَهِيَ لَا يُحِبُّ، كَأَنَّهُ قِيلَ: لَكِنَّ الظَّالِمَ يُحِبُّ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ فَهُوَ يَفْعَلُهُ، وَالثَّانِي: رَاجِعٌ إِلَى فَاعِلِ الْجَهْرِ أَيْ:
لَا يُحِبُّ اللَّهُ أَنْ يَجْهَرَ أَحَدٌ بِالسُّوءِ، لَكِنَّ الظَّالِمَ يَجْهَرُ بِالسُّوءِ. وَالثَّالِثُ: رَاجِعٌ إِلَى مُتَعَلِّقِ الْجَهْرِ الْفَضْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ: إِنْ يَجْهَرْ أَحَدُكُمْ لِأَحَدٍ بِالسُّوءِ، لَكِنْ مَنْ ظَلَمَ فَاجْهُرُوا لَهُ بِالسُّوءِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَإِعْرَابُ مَنْ يَحْتَمِلُ فِي بَعْضِ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ النَّصْبَ، وَيَحْتَمِلُ الرَّفْعُ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ أَحَدٌ الْمُقَدَّرِ انْتَهَى. وَيَعْنِي بِأَحَدٍ الْمُقَدَّرِ فِي الْمَصْدَرِ إِذِ التَّقْدِيرُ إِنْ يَجْهَرْ أَحَدٌ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِ لَا يَصِحُّ، وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ يُسَوَّغُ فِيهِ الْبَدَلُ وَهُوَ مَا يُمْكِنُ تَوَجُّهُ الْعَامِلِ عَلَيْهِ نَحْوَ: مَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ إِلَّا حِمَارٌ، فَهَذَا فِيهِ الْبَدَلُ فِي لُغَةِ تَمِيمٍ، وَالنُّصْبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ في لغة الحجاز.

[1] سورة النساء: 4/ 147.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست