responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 118
السِّلَاحُ مَكَانَهَا إِلَّا الْمَشْرَفِيُّ، بِخِلَافِ مَا أَتَانِي زَيْدٌ إِلَّا عَمْرٌو، فَإِنَّهُ لَا يُتَخَيَّلُ فِي مَا أَتَانِي زَيْدٌ عُمُومٌ الْبَتَّةَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سُمِعَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَجَبَ تَأْوِيلُهُ حَتَّى يَصِحَّ الْبَدَلُ، فَكَانَ يَصِحُّ مَا جَاءَنِي زَيْدٌ وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا عَمْرٌو. كَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى حَذْفِ الْمَعْطُوفِ وُجُودُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى إِلْغَاءِ هَذَا الْفَاعِلِ وَزِيَادَتِهِ، أَوْ عَلَى كَوْنِ عمرو بدلا من زيد، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَأَمَّا قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ: وَمِنْهُ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ في السموات وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ، فَلَيْسَ مِنْ بَابِ مَا ذُكِرَ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ مفعولة، والغيب بَدَلًا مِنْ بَدَلِ اشْتِمَالٍ أَيْ: لَا يَعْلَمُ غَيْبَ من في السموات وَالْأَرْضِ إِلَّا اللَّهُ، أَيْ مَا يُسِرُّونَهُ وَيُخْفُونَهُ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ مَنْ مَرْفُوعَةٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ بَدَلًا مِنْ مَنْ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ فِي مَنْ، لأن من في السموات يُتَخَيَّلُ فِيهِ عُمُومٌ، كَأَنَّهُ قِيلَ: قُلْ لَا يَعْلَمُ الْمَوْجُودَ دُونَ الْغَيْبِ إِلَّا اللَّهُ. أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ فِي الظَّرْفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلِذَا جَاءَ عَنْهُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَفِي السُّنَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ [1] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ [2] وَفِي الْحَدِيثِ أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: لَا ودي. وفي السَّمَاءِ بَيْتُهُ يَعْنُونَ اللَّهَ تَعَالَى. وَإِذَا احْتَمَلَتِ الْآيَةُ هَذِهِ الْوُجُوهَ لَمْ يَتَعَيَّنْ حَمْلُهَا عَلَى مَا ذُكِرَ، وَخَصَّ الْجَهْرَ بِالذِّكْرِ إِمَّا إِخْرَاجًا لَهُ مُخْرَجَ الْغَائِبِ، وَإِمَّا اكْتِفَاءً بِالْجَهْرِ عَنْ مُقَابِلِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ أَفْحَشَ.
وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً أَيْ سَمِيعًا لِمَا يُجْهَرُ بِهِ مِنَ السُّوءِ، عَلِيمًا بِمَا يُسَرُّ بِهِ مِنْهُ.
وَقِيلَ: سَمِيعًا لِكَلَامِ الْمَظْلُومِ، عَلِيمًا بِالظَّالِمِ. وَقِيلَ: سَمِيعًا بِشَكْوَى الْمَظْلُومِ، عَلِيمًا بِعُقْبَى الظَّالِمِ، أَوْ عَلِيمًا بِمَا فِي قَلْبِ الْمَظْلُومِ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلَا يَقُلْ إِلَّا الْحَقَّ. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ التَّهْدِيدُ وَالتَّحْذِيرُ.
إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً الظَّاهِرُ أَنَّ الْهَاءَ فِي تُخْفُوهُ تَعُودُ عَلَى الْخَيْرِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ من أعمال البر كَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي تُخْفُوهُ عَائِدٌ عَلَى السُّوءِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَبَاحَ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ لِمَنْ كَانَ مَظْلُومًا قَالَ لَهُ وَلِجِنْسِهِ: إِنْ تُبْدُو خيرا، بدل مِنَ السُّوءِ، أَوْ تُخْفُوا السُّوءَ، أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ. فَالْعَفْوُ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْمَعْفُوِّ مُبَاحًا انْتَهَى. وَذَكَرَ إِبْدَاءَ الْخَيْرِ وإخفاءه

[1] سورة الأنعام: 6/ 3.
[2] سورة الزخرف: 43/ 84. [.....]
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 4  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست