responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 209
الْفِعْلِ، وَبِكَيْفَ إِنْكَارٌ لِحَالِهِ وَإِنْكَارُ حَالِهِ إِنْكَارٌ لِذَاتِهِ، لِأَنَّ ذَاتَهُ لَا تَخْلُو مِنْ حَالٍ يَقَعُ فِيهَا، فَاسْتَلْزَمَ إِنْكَارُ الْحَالِ إِنْكَارَ الذَّاتِ ضَرُورَةً، وَهُوَ أَبْلَغُ، إِذْ يَصِيرُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ حَيْثُ قُصِدَ إِنْكَارُ الْحَالِ، وَالْمَقْصُودُ إِنْكَارُ وُقُوعِ ذَاتِ الْكُفْرِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُ إِذَا أُنْكِرَ أَنْ يَكُونَ لِكُفْرِهِمْ حَالٌ يُوجَدُ عَلَيْهَا، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ لَا يَنْفَكُّ مِنْ حَالٍ وَصِفَةٍ عِنْدَ وُجُودِهِ، وَمُحَالٌ أَنْ يُوجَدَ تَغَيُّرُ صِفَةٍ مِنَ الصِّفَاتِ، كَانَ إِنْكَارًا لِوُجُودِهِ عَلَى الطَّرِيقِ الْبُرْهَانِيِّ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَهَذَا الْخِطَابُ فِيهِ الْتِفَاتٌ، لِأَنَّ الْكَلَامَ قَبْلُ كَانَ بِصُورَةِ الْغَيْبَةِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ:
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى آخِرِهِ؟ وَفَائِدَةُ هَذَا الِالْتِفَاتِ أَنَّ الْإِنْكَارَ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى الْمُخَاطَبِ كَانَ أَبْلَغَ مَنْ تُوَجُّهِهِ إِلَى الْغَائِبِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَصِلَهُ الْإِنْكَارُ، بِخِلَافِ مَنْ كَانَ مُخَاطَبًا، فَإِنَّ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ أَرْدَعُ لَهُ عَنْ أَنْ يَقَعَ فِيمَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ. والناصب ل كَيْفَ تَكْفُرُونَ. وَأَتَى بِصِيغَةِ تَكْفُرُونَ مُضَارِعًا وَلَمْ يَأْتِ بِهِ مَاضِيًا وَإِنْ كَانَ الْكُفْرُ قَدْ وَقَعَ مِنْهُمْ، لِأَنَّ الَّذِي أُنْكِرَ أَوْ تُعُجِّبَ مِنْهُ الدَّوَامُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمُضَارِعُ هُوَ الْمُشْعِرُ بِهِ وَلِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ تَوْبِيخًا لِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ الْكُفْرُ ثُمَّ آمَنَ، إِذْ لَوْ جَاءَ كَيْفَ كَفَرْتُمْ بِاللَّهِ لَانْدَرَجَ فِي ذَلِكَ مَنْ كفرتم آمَنَ كَأَكْثَرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَالْوَاوُ فِي قوله: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ: وَاوُ الْحَالِ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ [1] ، وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ [2] .
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ فَكَيْفَ صَحَّ أَنْ يَكُونَ حَالًا، وَهُوَ مَاضٍ؟ وَلَا يُقَالُ: جِئْتُ وقام الأسير، وَلَكِنْ: وَقَدْ قَامَ، إِلَّا أَنْ يُضْمَرَ قَدْ. قُلْتُ: لَمْ تَدْخُلِ الْوَاوُ عَلَى كُنْتُمْ أَمْوَاتًا وَحْدَهُ، وَلَكِنْ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: كُنْتُمْ أَمْوَاتًا إِلَى تَرْجِعُونَ، كَأَنَّهُ قِيلَ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَقِصَّتُكُمْ هَذِهِ وَحَالُكُمْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا نُطَفًا فِي أَصْلَابِ آبَائِكُمْ فَجَعَلَكُمْ أَحْيَاءً؟ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ بَعْدَ هَذِهِ الْحَيَاةِ؟ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ يُحَاسِبُكُمْ؟ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِضْمَارِ قَدْ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ، أَيْ وَقَدْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ. وَالْجُمْلَةُ الْحَالِيَّةُ عِنْدَنَا فِعْلِيَّةٌ. وَأَمَّا أَنْ نَتَكَلَّفَ وَنَجْعَلَ تِلْكَ الْجُمْلَةَ اسْمِيَّةً حَتَّى نَفِرَّ مِنْ إِضْمَارِ قَدْ، فَلَا نَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا حَمَلَ الزَّمَخْشَرِيَّ عَلَى ذَلِكَ اعْتِقَادُهُ أَنَّ جميع الجمل مندرجة في الْحَالِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ، بَعْضُ الْقِصَّةِ مَاضٍ وَبَعْضُهَا مُسْتَقْبَلٌ، وَالْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلُ كِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ حَالًا حَتَّى يَكُونَ فِعْلًا حَاضِرًا وَقْتَ وُجُودِ مَا هُوَ حَالٌ عَنْهُ، فما الحاضر الذي

[1] سورة يوسف: 12/ 45.
[2] سورة هود: 11/ 42.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست