responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 210
وَقَعَ حَالًا؟ قُلْتُ: هُوَ الْعِلْمُ بِالْقِصَّةِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ عَالِمُونَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، وَبِأَوَّلِهَا وَبِآخِرِهَا؟ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ الْجُمَلِ مُنْدَرِجَةً فِي الْحَالِ، إِذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَالُ قوله: وكنتم أمواتا فأحياكم، وَيَكُونَ الْمَعْنَى كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَقَدْ خَلَقَكُمْ فَعَبَّرَ عَنِ الْخَلْقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ، وَنَظِيرُهُ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ»
أَيْ أَنَّ مَنْ أَوْجَدَكَ بَعْدَ العدم الصرف حر أَنْ لَا تَكْفُرَ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا نِعْمَةَ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ الِاخْتِرَاعَ، ثُمَّ نِعْمَةِ الِاصْطِنَاعِ، وَقَدْ شَمِلَ النِّعْمَتَيْنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ لِأَنَّ بِالْإِحْيَاءِ حَصَلَتَا. أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَضَمَّنَتِ الْجُمْلَةُ الْإِيجَادَ وَالْإِحْسَانَ إِلَيْكَ بِالتَّرْبِيَةِ وَالنِّعَمِ إِلَى زَمَانِ أَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْكَ إِنْكَارُ الْكُفْرِ؟ وَلَمَّا كَانَ مَرْكُوزًا فِي الطِّبَاعِ وَمَخْلُوقًا فِي الْعُقُولِ أَنْ لَا خَالِقَ إِلَّا اللَّهَ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [1] ، كَانَتْ حَالًا تَقْتَضِي أَنْ لَا تُجَامِعَ الْكُفْرَ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَكَلُّفِ. أَنَّ الْحَالَ هُوَ الْعِلْمُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ.
وَعَلَى هَذَا الَّذِي شَرَحْنَاهُ يَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ جُمَلًا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا مُسْتَأْنَفَةً لَا دَاخِلَةً تَحْتَ الْحَالِ، وَلِذَلِكَ غَايَرَ فِيهَا بِحَرْفِ الْعَطْفِ وَبِصِيغَةِ الْفِعْلِ عَمَّا قَبْلَهَا مِنَ الْحَرْفِ وَالصِّيغَةِ. وَمَنْ جَعَلَ الْعِلْمَ بِمَضْمُونِ هَذِهِ الْجُمَلِ هُوَ الْحَالَ، جَعَلَ تَمَكُّنَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ بِالْإِحْيَاءِ الثَّانِي وَالرُّجُوعِ لِمَا نُصِبَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الدَّلَائِلِ الَّتِي تُوَصِّلُ إِلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ حُصُولِ الْعِلْمِ. فَحُصُولُهُ بِالْإِمَاتَتَيْنِ وَالْإِحْيَاءِ الْأَوَّلِ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَلِمُوا ثُمَّ عَانَدُوا، وَفِي تَرْتِيبِ هَاتَيْنِ الْمَوْتَتَيْنِ وَالْحَيَاتَيْنِ اللَّاتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى وَامْتَنَّ عَلَيْهِمْ بِهَا أَقْوَالٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَوْتَ الْأَوَّلَ: الْعَدَمُ السَّابِقُ قَبْلَ الْخَلْقِ، وَالْإِحْيَاءَ الْأَوَّلَ:
الْخَلْقُ، وَالْمَوْتَ الثَّانِيَ: الْمَعْهُودُ فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَالْحَيَاةَ الثَّانِيَةَ: الْبَعْثُ لِلْقِيَامَةِ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ. الثَّانِي: أَنَّ الْمَوْتَ الْأَوَّلَ: الْمَعْهُودُ فِي الدُّنْيَا، وَالْإِحْيَاءَ الْأَوَّلَ: هُوَ فِي الْقَبْرِ لِلْمَسْأَلَةِ، وَالْمَوْتَ الثَّانِيَ: فِي الْقَبْرِ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ، وَالْإِحْيَاءَ الثَّانِيَ:
الْبَعْثُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو صَالِحٍ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْمَوْتَ الْأَوَّلَ: كَوْنُهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَالْإِحْيَاءَ الْأَوَّلَ: الْإِخْرَاجُ مِنْ بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ، وَالْمَوْتَ الثَّانِيَ: الْمَعْهُودُ، وَالْإِحْيَاءَ الثَّانِيَ:
الْبَعْثُ، قَالَهُ قَتَادَةُ. الرَّابِعُ: أَنَّ الْمَوْتَ الْأَوَّلَ: هُوَ الَّذِي اعْتَقَبَ إِخْرَاجَهُمْ مِنْ صُلْبِ آدَمَ نَسَمًا كَالذَّرِّ، وَالْإِحْيَاءَ الْأَوَّلَ: إِخْرَاجُهُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَالْمَوْتَ الثَّانِيَ: الْمَعْهُودُ، وَالْإِحْيَاءَ: الْبَعْثُ، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الْخَامِسُ: أَنَّ الْمَوْتَ الْأَوَّلَ: مُفَارَقَةُ نطفة الرجل إلى

[1] سورة الزخرف: 43/ 9. [.....]
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 210
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست