الشيعة والمرجئة، مثل كتاب الأغاني [1] ، وكتاب البيان والتبيين [2] ، لا سيما وصاحباهما رافضي ومعتزلي، والرافضة والمعتزلة اتحدتا منذ القرن الثالث تقريباً [3] .
وعلى ذلك نفهم أيضاً ما أورده الجاحظ من شعر لأحد الشيعة:
إذا المرجيّ سرك أن تراه يموت بدائه من قبل موته
فجدد عنده ذكرى علي وصل على النبي وآل بيته (4)
فالمقصود في هذه كلها هو الإرجاء الخاص.
وإذا رجعنا إلى المصادر الشيعية فسنجد ذلك وأجلى منه. يقول صاحب كتاب الزينة في شرح معنى الإرجاء والمرجئة: "وأما المرجئة فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المرجئة يهود هذه الأمة" [5] ، وروي عن محمد بن علي عليه السلام أنه قال: "المرجئة بدلوا سنة الله، ظاهرها وباطنها، وهم يهود هذه الأمة، وهم أشد لنا عداوة من اليهود والنصارى".
وقد تأول الناس في هذا اللقب تأويلات كثيرة، فكل فريق يتنصل منه ويلزمه غيره، ويتأول فيه تأويلاً ينتفي به عنه [6] . [1] انظر: (4/63) الطبعة غير المحققة. [2] انظر: (2/230) منه، والحكاية وسابقتها ساقطتان أخلاقياً، والشاهد مجرد وقوع خصومة بين الشيعة ومن يسمون مرجئة [3] أدى الانتصار الكبير الذي حققه أهل السنة بقيادة الإمام أحمد، وانقلاب الدولة العباسية إلى التنكيل بالمعتزلة والمبتدعة وظهور حقيقة التشيع وانتساب القرامطة ونحوهم له، إلى تقارب أهل البدع وتمازجهم في مواجهة عودة السنة، والمتعزلة فرقة لها عقل ونظر لكن بلا جمهور، والشيعة لها جمهور ولا عقل لها ولا نظر، فكان أن اندمجت الفرقتان واتفقتا على العدو المشترك (أهل السنة) ، ومن هنا تركت المعتزلة رأي مؤسسيها في علي، كما تركت الشيعة التشبيه الذي كان عقيدة معظم أسلافهم من الفرق، وأصبحت على مذهب المعتزلة في نفي الصفات، وما يزال هذا الاتحاد قائماً إلى اليوم، فالإمامية والزيدية كلاهما يدين بالإعتزال. وإن مما يفسر ذلك الاتحاد أن بعض رؤساء المؤسسين للمذهبين زنادقة، لا يؤمنون بدين وإنما غرضهم هدم الإسلام والثأر منه.
(4) البيان والتبيين [5] كل حديث مرفوع ورد فيه اسم المرجئة لا يصح، ومن أهم المصادر في بيان ذلك المجروحين لابن حبان، والعلل المتناهية لابن الجوزي [6] ص262