ثم ذكر قول أهل السنة والجماعة فيهم - نقلاً عن ابن قتيبة - وقول المرجئة الفقهاء وردهما وقال: "والمرجئة هو لقب قد لزم كل من فضّل أبابكر وعمر على علي بن أبي طالب، كما أن التشيع هو لقب لزم كل من فضل علي على أبي بكر وعمر، هذا ما يتعارفه الناس بينهم ظاهراً واتفقت الأمة عليه" (1)
واستدل على ذلك بإطلاق الاسم: "قيل: فلان مرجئي قدري، وفلان شيعي قدري.. ولم نر أحداً يقال له: هذا مرجئي شيعي، أو مرجئي رافضي، هذا محال جداً، كما أنه محال أن يقال: هذا ثوب أبيض أسود، وهذا شيء حلو مر، لا تجتمع صفتان متضادتان في شيء واحد، وهذا حكم بيّن عند الإمامية أن المرجئ لا يكون شيعياً، والشيعي لا يكون مرجئاً.
فالإرجاء - على ما قلنا - هو نعت قد لزم كل من فضل أبا بكر وعمر على علي، كما أن التشيع قد لزم تفضيل علي على أبي بكر وعمر، وإنما سموا مرجئة، لأنهم أرجأوا علياً، أي أخروه وقدموا أبا بكر عليه، فهذا اللقب لازم لكل من ذهب هذا المذهب، من أي الفرق كان" [2] .
ثم ذكر أبيات محارب بن دثار [3] ، زاعماً أن إرجاءه هو تأخير علي وتقديم أبي بكر، ثم قال: "ومن ألقاب فرقهم، أنهم أهل السنة والجماعة، وهم على أصلين، يقال لهما: أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي" (4)
ثم ذكر من فرقهم - بزعمه - الحشوية والمشبهة والشكاك والمالكية والشافعية والجهمية، في خلط يذكرك بخلط المستشرقين [5] .
وما ذكره هذا الشيعي يصحح ما قلناه، من التفريق بين المرجئة الأولى وبين الإرجاء العام، الذي موضوعه الإيمان والكفر، لكنه لما لم يتضح له الفرق بينهما، جاء بهذا الخلط حتى أنه نفى أن يكون للإرجاء علاقة بقضية الإيمان والعمل، وحصره في تأخير علي عن الشيخين فقط، ولكن من عرف ملته لم يفجأه ذلك منه.
(1) انظر إلى تناقضه، حيث يدعي اتفاق الأمة عقيب نقله الخلاف، إلا إذا كانت الأمة عنده هم الشيعة وحدهم!! [2] ص264- 265 [3] السابقة ص322- 323
(4) ص266 [5] انظر: ص267- 269