أما ثبوت الشَّفَاعَة بالإجماع: فقد أجمع أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ على إثبات الشَّفَاعَة كما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما وقع الخلاف من أهل البدع ومَنْ حذا حذوهم أو تأثر بهم.
ثُمَّ بين المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنواع الشَّفَاعَة: وذكر أن منها ما هو متفق عليه بين الأمة، ومنها ما خالف فيه المعتزلة ونحوهم من أهل البدع، ومن هذه الأنواع ما يلي:
الشفاعة العظمى
وهذ الشَّفَاعَة هي الخاصة بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بين سائر إخوانه من الأَنْبِيَاء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين، وهذه الشَّفَاعَة العظمى أجمعت عليها الأمة: أهل السنة وأهل البدع من المعتزلة والخوارج وغيرهم، وهي: شفاعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المحشر عند اشتداد الكرب والهول وعندما يفزع النَّاس إِلَى آدم، ثُمَّ إِلَى نوح، ثُمَّ إِلَى إبراهيم، ثُمَّ إِلَى موسى، ثُمَّ إِلَى عيسى، ولا يجدون من يشفع لهم ويضيق الخلق أجمعون ويشتد الكرب عليهم جميعاً، فيلجئون إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ يريدون منه أن يفصل الموقف، وأن يُدْخِلَ أهل الجنة الجنة وأهل النَّار النار، ففي هذا الموقف العظيم حين يتراجع كل الأَنْبِيَاء أولوا العزم وغيرهم من الخلائق يكون المقام المحمود للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الشفاعة في رفع الدرجات
هناك أيضاً نوع أخر من أنواع الشَّفَاعَة: وهو شفاعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رفع درجات من يدخل الجنة فوق ما كَانَ يقتضيه ثواب أعمالهم.
موافقة الخوارج والمعتزلة لأهل السنة في هاتين الشفاعتين