فلا حظَّ ولا نصيب في الشَّفَاعَة لمشرك إلا في حالة خاصة سيأتي شرحها إن شاء الله تَعَالَى وهي حالة أبي طالب مع العلم أن الإخراج من النَّار لا يكون أبداً لمشرك وإنما هو خاص بالموحدين، ولهذا فإن الجهنميين -كما ورد في نص الحديث الصحيح- يعرفهم الشافعون بعلامة السجود؛ لأن النَّار تأكل ابن آدم إلا آثار السجود.
كما يدل الحديث أن تارك الصلاة ليس من الْمُسْلِمِينَ ولا يعامل معاملة الموحدين ولا تنفعه شفاعة الشافعين، قال الله تَعَالَى في شأنهم: قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ [المدثر:43-46] .
فهَؤُلاءِ الذين ليس لهم علامة السجود كيف يخرجون من النار؟
وكيف يعرفهم الشافعون ليخرجوهم من النار؟
وأما من يتحنن الله تبارك عليهم ويخرجهم بعد ذلك، فهم إما أنهم كانت فيهم علامة سجود ضيقة ضعيفة لا تكاد تُرى -مثلاً- أو ممن كانت لهم حالة خاصة كمن يعيش في آخر الزمان حيث لا يدري النَّاس ما صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا نسك، وحيث يندرس العلم، فالمسلم في ذلك الزمان هو الذي يقول لا إله إلا الله فقط، لا يعرفون إلا هذه الشهادة -لا إله إلا الله- ومع ذلك هم خير ذلك الزمان، وشر الخلق بالنسبة لمن بعدهم، ثُمَّ يهلكون، ولا تقوم الساعة حتى لا يبقى في الأرض من يقول: لا إله إلا الله، كما أخبر بذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا له تفصيله إن شاء الله في مبحث الحشر والجنة والنار.
والمقصود هنا: أنَّ الذين بلغت بهم المعاصي إِلَى أن تركوا الصلاة أو ارتكبوا أي معصية تخرج صاحبها من الملة فهَؤُلاءِ ليسوا من أهل التوحيد. فكل من ليس من أهل التوحيد وكان من أهل الكفر: إما كفراً أصلياً أو كفر ردة. فهَؤُلاءِ لا تنالهم الشَّفَاعَة ولا يخرجون من النار.