والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كما قال: وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر:7] فالله تَعَالَى لا يرضى عن الكافرين ولا يحبهم؛ ولذا لا تنفعهم شفاعة الشافعين كما أخبر الله بذلك، وخص الشَّفَاعَة بقوله: إلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [الزخرف:86] فالشَّفَاعَة خاصة ومحصورة في أهل التوحيد فيمن شهد بالحق وهم يعلمون، فمن شهد شهادة أن لا إله إلا الله، وهو عالم بمعناها، عامل بمقتضاها، فهَؤُلاءِ هم الذين يستحقون الشَّفَاعَة، هذه بعض الآيات في ذلك.
الأدلة من السنة على ثبوت الشفاعة
أما من السنة: فالحديث العظيم حديث الجهنميين الذي رواه أكثر من صحابي ومنهم: أَبو هُرَيْرَة وأبو سعيد الخدري كما في الروايات التي في صحيح البُخَارِيّ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه (فيخرجون من النَّار وهم آخر النَّاس خروجاً) وهَؤُلاءِ هم الذين يقال لهم: الجهنميون، (فيخرجون من النَّار وقد امتحشوا وصاروا فحماً فيلقيهم الله -عَزَّ وَجَلَّ- في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحميلة في طرق السيل -كما ينبت النبات الذي يكون عَلَى طرف السيل- ثُمَّ يدخلهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الجنة برحمتهً) .
وهذا يكون بعد أن يشفع الشافعون من الملائكة وعباد الله الصالحين ويتحنن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى من بعد ذلك عَلَى من يشاء كما في رواية المسند (ثُمَّ يتحنن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى من بعد ذلك، فيخرج أقواماً لم يعملوا خيراً قط) فهَؤُلاءِ جميعاً الذين هم آخر من يخرج من النَّار تنالهم الشَّفَاعَة وهَؤُلاءِ كلهم من الموحدين.