ومنها ما يزول كمال الإيمان المستحب بزوالها كترك إماطة الأذى عن الطريق.
مثل الصلاة فإن فيها أجزاء تنقص بزوالها عن كمال الاستحباب، وفيها أجزاء واجبة تنقض بزوالها عن الكمال الواجب مع الصحة في مذهب أبي حنيفة وأحمد ومالك، وفيها ماله أجزاء إذا زالت جبر نقصها بسجود السهو، وأمور ليست كذلك، فقد رأيت أجزاء الشيء تختلف أحكامها شرعاً وطبعاً.
التاسع: أن شعب الإيمان قد تتلازم عند القوة، ولا تتلازم عند الضعف فإذا قوي ما في القلب من التصديق والمعرفة والمحبة لله ورسوله أوجب بغض أعداء الله كما قال تعالى: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ} [1]، وقال: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [2].
وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فيكون ذنبا ينقص به إيمانه، ولا يكون به كافراً، كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة، لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل الله فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [3]. [1] سورة المائدة، الآية: 81. [2] سورة المجادلة، الآية: 22. [3] سورة الممتحنة، الآية: 1.