وكما حصل لسعد بن عبادة لما انتصر لابن أبي في قصة الإفك.
فقال لسعد بن معاذ: كذبت والله لا تقتله ولا تقدر على قتله، قالت عائشة وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً، ولكن احتملته الحمية[1]، ولهذه الشبهة سمى عمر حاطباً منافقاً فقال: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال: "إنه شهد بدراً"[2] فكان عمر متأولاً في تسميته منافقاً للشبهة التي فعلها.
وكذلك قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه، إنما أنت منافق، تجادل عن المنافقين[3] هو من هذا الباب، وكذلك قول من قال من الصحابة عن مالك بن الدخشم: منافق[4]، وإن كان قال ذلك لما رأى فيه من نوع معاشرة ومودة للمنافقين.
ولهذا لم يكن المتهمون بالنفاق نوعاً واحداً، بل فيهم المنافق المحض، وفيهم من فيه إيمان ونفاق، وفيهم من إيمانه غالب وفيه شعبة من النفاق.
وبهذا يعلم فساد شبهتهم وزعمهم أن الإيمان كل واحد لا يتجزأ إذا ذهب بعضه ذهب كله، وأنه كرقم عشرة إذا زال بعض أجزائه زال الاسم عنه، وأنه لا يجتمع في القلب إيمان ونفاق وإيمان وبعض شعب الكفر[5]. [1] رواه البخاري (الفتح 7/ 433) ، ومسلم (4/2134) . [2] رواه البخاري (الفتح 8/ 633) . [3] جزء من حديث الإفك المتقدم تخريجه. [4] رواه البخاري (الفتح 1/ 519) ، ومسلم (1/ 456) . [5] انظر الفتاوى لابن تيمية (7/ 514- 524) .