يكون منافياً، فإن لم يكن منافياً أمكن وجودها معه فلا يكون وجودها إلا مع عدم الإيمان الباطن.
وإن كان منافياً للأيمان الباطن كان ترك هذه من موجب الإيمان ومقتضاه ولازمه، فلا يكون مؤمناً في الباطن الإيمان الواجب إلا من ترك هذه الأمور فمن لم يتركها دل ذلك على فساد إيمانه الباطن، وإذا كانت الأعمال والتروك الظاهرة لازمه للإيمان الباطن كانت من موجبه ومقتضاه، وكان من المعلوم أنها تقوى بقوته، وتزيد بزيادته، وتنقص بنقصانه، فإن الشيء المعلوم لا يزيد إلا بزيادة موجبه ومقتضيه، ولا ينقص إلا بنقصان ذلك، فإذا جعل العمل الظاهر موجب الباطن ومقتضاه لزم أن تكون زيادته لزيادة الباطن فيكون دليلاً على نقص الباطن، وهو المطلوب.
وهذه الأمور، كلها إذا تدبرها المؤمن بعقله تبين له أن مذهب السلف هو المذهب الحق الذي لا عدول عنه، وأن من خالفهم لزمه فساد معلوم بصريح المعقول وصحيح المنقول كسائر ما يلزم الأقوال المخالفة لأقوال السلف والله أعلم[1]. ثم إن سلفنا الصالح قد نقل عنهم أقوال كثيرة في رد مقولة هؤلاء الخبيثة، وبيان فسادها وشدة ضررها على الإسلام وأهله، وفيما يلي أسواق بعض ما نقل عنهم في ذلك:
1- قيل لعبد الله بن أبي مليكة: يا أبا محمد إن ناساً يجالسونك يزعمون أن إيمانهم كإيمان جبريل، فغضب ابن أبي مليكة، فقال: والله ما رضي الله لجبريل حتى فضله بالثناء عدى محمد صلى الله عليه وسلم فقال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ [1] انظر الفتاوى لابن تيمية (7/ 582- 585) .