ثالثها: أنهم جعلوا ما يوجد من التكلم بالكفر من سب الله ورسوله والتثليث وغير ذلك قد يكون مجامعاً لحقيقة الإيمان الذي في القلب، ويكون صاحب ذلك مؤمنا عند الله حقيقة، سعيداً في الدار الآخرة، وهذا يعلم فساده بالاضطرار من دين الإسلام.
رابعها: أنهم جعلوا من لا يتكلم بالإيمان قط، مع قدرته على ذلك، ولا أطاع الله طاعة ظاهرة مع وجوب ذلك عليه وقدرته، يكون مؤمناً بالله تام الإيمان سعيداً في الدار الآخرة.
خامسها: أنهم قالوا: إن العبد قد يكون مؤمناً تام الإيمان، إيمانه مثل إيمان الأنبياء والصديقين ولو لم يعمل خيرا لا صلاة ولا صلة ولا صدق حديث، ولم يدع كبيرة إلا ركبها فيكون الرجل عندهم إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أئتمن خان، وهو مصر على دوام الكذب والخيانة ونقض العهود لا يسجد لله سجدة، ولا يحسن إلى أحد حسنة، ولا يؤدي أمانة، ولا يدع ما يقدر عليه من كذب وظلم وفاحشة إلا فعلها، وهو مع ذلك مؤمن تام الإيمان، مثل إيمان الأنبياء.
سادسها: أنه يلزمهم أن من سجد للصليب والأوثان طوعا، وألقى المصحف في الحش عمدا، وقتل النفس بغير الحق، وقتل كل من رآه يصلي، وسفك دم كل من يراه يحج البيت، وفعل ما فعلته القرامطة بالمسلمين، يجوز أن يكون مع ذلك مؤمناً ولياً لله، إيمانه مثل إيمان النبيين والصديقين؛ لأن الإيمان الباطن إما أن يكون منافياً لهذه الأمور، وإما أن لا