نرجو أن يغفر الله تعالى للذين ماتوا على هذا الاعتقاد؛ لأنهم لا يقصدون تشبيه الله بخلقه، وإنما يحاولون تنزيهه عن مشابهة خلقه؛ فقصدهم حسن، ولكن طريقهم إلى ذلك القصد سيئة. وإنما نشأ لهم ذلك السوء بسبب أنهم ظنوا لفظ الصفة التي مدح الله بها نفسه يدل ظاهره على مشابهة صفة الخلق؛ فنفوا الصفة التي ظنوا أنها لا تليق قصداً منهم لتنزيه الله، وأولوها بمعنى آخر يقتضي التنزيه في ظنهم، فهم كما قال الشافعي:
رام نفعاً فضرّ من غير قصد ومن البرّ ما يكون عقوقاً1
ونحن نرجو أن يغفر الله لهم خطأهم، وأن يكونوا داخلين في قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [2]. وخطؤهم المذكور لا شك فيه، ولو وفقهم الله لتطهير قلوبهم من التشبيه أولاً، وجزموا بأن ظاهر صفة الخالق هو التنزيه عن مشابهة صفة المخلوق، لسلموا مما وقعوا فيه. ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم عالم كل العلم بأن الظاهر المتبادر مما مدح الله به نفسه في آيات الصفات هو التنزيه التام عن صفات الخلق، ولو كان يخطر في ذهنه أن ظاهره لا يليق لأنه تشبيه بصفات الخلق، لبادر كل المبادرة إلى بيان ذلك؛ لأنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، ولا سيما في العقائد، ولا سيما فيما ظاهره الكفر والتشبيه فسكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن بيان هذا يدل على أن ما زعمه المؤولون لا أساس له كما ترى"[3].
وبذلك يظهر لنا موقف الشيخ الأمين -رحمه الله- ممن مات على هذا المعتقد؛ حسن الظن في نيته، وأنه لم يتعمد التعطيل وإن وقع فيه، ودعاء الله له بالمغفرة والتجاوز عن المآثم والزلات؛ لأن مقصدهم حسن، لكنهم
1 ديوان الإمام الشافعي ص67 –جمع/ محمد الزعبي. [2] سورة الأحزاب، الآية [5] . [3] أضواء البيان 7/448-449.