لم يفلحوا في الوصول إليه.
أما موقفه -رحمه الله- من معتنقي هذا المذهب من ألحياء: فهو موقف المحذر لهم من سوء العاقبة والمنقلب، فخوفهم بالله، وأمرهم بخشيته، والإيمان بما امتدح به نفسه، وبين لهم أن كلامهم قول على الله بغير علم، وبهتان عظيم؛ فقال -رحمه الله-: "فاخش الله يا إنسان، واحذر من التقول على الله بلا علم، وآمن بما جاء في كتاب الله مع تنزيه الله عن مشابهة خلقه. واعلم أن الله الذي أحاط علمه بكلّ شيء لا يخفى عليه الفرق بين الوصف اللائق به والوصف غير اللائق به، حتى يأتي إنسان فيتحكم في ذلك، فيقول؛ هذا الذي وصفت به نفسك غير لائق بك، وأنا أنفيه عنك بلا مستند منك، ولا من رسولك، وآتيك بدله بالوصف اللائق بك، فاليد مثلاً التي وصفت بها نفسك لا تليق بك لدلالتها على التشبيه بالجارحة. وأنا أنفيها عنك نفياً باتاً، وأبدلها لك بوصف لائق بك وهو النعمة أو القدرة مثلاً، أو الجود، سبحانك هذا بهتان عظيم. {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} 1"[2].
وهكذا نراه -رحمه الله- يرجو لمن مات المغفرة والرحمة، ويخاف على الحي، فيعظه ويأمره أن يتدارك نفسه، ويعظم خالقه، فيصفه بما امتدح به نفسه، وأنله في كتابه، فلا يصف الله أعلم من الله، فهو العليم الخبير.
1 سورة الطلاق، الآيتان [10-11] . [2] أضواء البيان 7/446-447.