من سلك مسلك الخلف، بين أنهم نتيجة تحريفهم وقعوا في شر مما فروا منه؛ فالسلف أثبتوا صفات الله التي امتدح الله بها نفسه، وأثنى بها عليه رسوله صلى الله عليه وسلم كما يليق بجلاله وكماله، وأهل التحريف أثبتوا صفات ما أنزل الله بها من سلطان، وقالوا كما يليق بجلاله، فأي الفريقين أحق بالأمن؟ وقد قال -رحمه الله- في بيان حالهم: "فإن زعم من شبه أولاً، وعطل ثانياً، وشبه ثالثاً أيضاً أن الاستيلاء المزعوم منزه عن مشابهة استيلاء المخلوقين. قلنا له: نحن نسألك ونطلب منك الجواب بإنصاف: أيهما أحق بالتنزيه عن مشابهة الخلق: الاستواء الذي مدح الله به نفسه في محكم كتابه، وهو في نفس القرآن الذي يتلى، ولتاليه بكل حرف منه عشر حسنات؛ لأنه كلام الله. أم الأحق بالتنزيه هو الاستيلاء الذي جئتم به من تلقاء أنفسكم من غير استناد إلى وحي؟ ولا شك أن الجواب أن اللفظ الوارد في القرآن أحق بالتنزيه والحمل على أشرف المعاني وأكملها من اللفظ الذي جاء به معطل من كيسه الخالص لا مستند له من الوحي، وبهذه الكلمات القليلة يظهر لكم أن مذهب السلف أسلم وأحكم وأعلم"[1].
وهكذا ختم الشيخ -رحمه الله- هذه المقارنة التي أظهر فيها معتقد السلف في صفات الله سبحانه وتعالى مبيناً حال أهله عند سماعهم لصفات خالقهم جل وعلا، ومؤكداً أن طريقهم طريق سلامة محققة، بخلاف مذهب الخلف الذين تهجموا على صفات الله ووقعوا في أخطاء شنيعة جعلتهم ممقوتين عند أهل الإيمان.
وقد دعا الشيخ الأمين -رحمه الله- لمن التبس عليه الأمر ممن ابتعدوا عن منهج السلف، وكان مقصدهم حسناً أن يغفر الله لهم وأن يتجاوز عن آثامهم؛ لأنهم لم يتعمدوا تشبيه الله وتعطيله عن صفاته، وإن كان مسلكهم فاسداً مخالفاً لمراد الله سبحانه وتعالى، فقال -رحمه الله-: "ونحن [1] منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص49-50. وانظر: آداب البحث والمناظرة 2/133-136.