وبهذا يوضح الشيخ الأمين -رحمه الله- قاعدة مهمة؛ وهي أن الألفاظ قبل الإضافة والتخصيص هي معان مشتركة، ولكنها بعد الإضافة والتخصيص تخص من أضيفت إليه. وهذا ملحوظ فيما بين المخلوقات، فكيف بين الخالق جل وعلا وبين المخلوق؛ فصفات الله جل وعلا تشترك مع صفات المخلوق في المعنى العام الكلي، وتفترق بعد الإضافة والتخصيص.
بل هي تفترق بعد الإضافة والتخصيص بين المخلوقات أنفسها؛ فلفظة اليد مثلاً من المعاني المشتركة، لكن إذا قلت: يد الباب، أو يد الإنسان، أو يد الطائر، أو يد الحيوان؛ ظهرت النتيجة الدالة على التفاوت فيما بين هذه المخلوقات، فكيف بين الخالق جل وعلا وبين خلقه، إنها والله لأعظم مباينة.
أما الشق الثاني من الجواب على هذا السؤال؛ فهو خاص بمن أثبت بعض الصفات، وأول البعض الآخر؛ فيلزمه أن يثبت بقية الصفات كما يليق بجلاله سبحانه، مثل ما قال في بعضها؛ إذ الكل لا نعلم كيفيتها، والمشابهة منتفية عن الجميع؛ قال -رحمه الله-: "الوجه الثاني: هو أن تقول: هل عرفتم كيفية منزهة عن مشابهة الخلق في السمع والبصر مثلاً؟ فلا بد أن يقولوا أيضاً: لا، ولكنا نعلم أن سمع الله وبصره منزهان عن مشابهة أسماع الخلق وأبصارهم. فإن قالوا ذلك، قلنا: ونحن نقول مثل ذلك في الاستواء، وسائر الصفات الثابتة بالوحي الصحيح"[1].
وبعد هذا البسط الواضح من الشيخ الأمين -رحمه الله- في الإجابة عن هذا السؤال الإجابة المقنعة التي تزيل الشبه، وتمحو التصورات التي يحسبها أصحابها علماً ومهارة يخدعون بها السذج ويبلبلون أفكارهم ومعتقداتهم: أريد أن أقول: إن الشيخ الأمين -رحمه الله- بهذه الإجابة الواضحة دلل على [1] آداب البحث والمناظرة 2/131.