مجاز يجوز نفيه باعتبار الحقيقة ... ومعلوم أن ما مدح الله به نفسه في كتابه لا يجوز نفي شيء منه، وذلك يستلزم منع المجاز فيؤول؛ لأن وجود المجاز يستلزم جواز النفي كما وضحنا"[1].
وما قاله الشيخ الأمين -رحمه الله- في رده على هذه الشبهة قد قاله غيره من أئمة أهل السنة والجماعة؛ كالإمام ابن عبد البر -رحمه الله- الذي قال: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة" [2].
وفي ختام هذا المبحث نشير على أن الشيخ الأمين -رحمه الله- أورد سؤالين بلسان أهل التأويل، ثم أجاب عليهما، ونسفهما من أساسهما موضحاً أنهما مجرد شبهة تدور في مخيلة المتأولة يلقونها في أسماع من يصغي إليهم ليبدلوا كلام الله ويحرفوا معانيه.
وقد أورد الشيخ -رحمه الله- سؤالهم الأول، بقوله: "اعلم أنه إن قال معطل متنطع: نحن لا نعقل كيفية استواء مثلاً منزهة عن مشابهة كيفية استواء الخلق، فبينوا لنا كيفية معقولة منزهة عن مشابهة كيفيات استواء الخلق لنعتقدها؛ لأنا لم تدرك عقولنا كيفية استواء منزهة عن ذلك؟ "3.
ثم أجاب الشيخ -رحمه الله- عن هذا السؤال مبيناً أن أشباه هذا السؤال يورده المعاند ليبطل به المعتقد السلفي، وقد سد -رحمه الله- على المعاند كل [1] الزاد والمعين ص45-46. [2] التمهيد 7/145.
وهذه المسألة من المسائل التي نوقش فيها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حين حبس. وقد رد عليهم بالرد المقنع.
(انظر: الفتاوى 3/188، 199) . وانظر كلام الإمام أبي الحسن الأشعري عن الحقيقة. (في رسالة أهل الثغر ص213، 216) .
3آداب البحث والمناظرة2/130.وانظر منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص45.