وَأَرَى} [1]، وقوله: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [2]. ومعيّة عامة بالإحاطة والعلم؛ لأنه تعالى أعظم وأكبر من كلّ شيء، محيط بكلّ شيء. فجميع الخلائق في يده أصغر من حبة خردل في يد أحدنا، وله المثل الأعلى"[3].
وقال -رحمه الله- في موضع آخر: "وأما المعية العامة لجميع الخلق: فهي بالإحاطة التامة والعلم ونفوذ القدرة، وكون الجميع في قبضته جل وعلا" [4].
ثانياً: الجمع بين معيته سبحانه، واستوائه على عرشه جل وعلا.
لاشك أنّ من كان عالما بأحوال عباده، مطلعا عليهم، ومهيمنا عليهم، يسمع أقوالهم، ويرى أفعالهم، ويدبر جميع أمورهم: أنه معهم حقيقة، وإن كان فوق عرشه حقيقة؛ لأنّ المعية لا تستلزم الاجتماع في مكان[5]. ومعيته لا تشبه معية مخلوق لمخلوق، بل هي معية على ما يليق بجلاله.
وقد أشار الشيخ الأمين -رحمه الله- إلى هذا المعنى؛ فقال: "إنه تعالى مستو على عرشه كما قال بلا كيف ولا تشبيه، استواء لائقاً بكماله وجلاله، وجميع الخلائق في يده أصغر من حبة خردل، فهو مع جميعهم بالإحاطة الكاملة والعلم التام، ونفوذ القدرة سبحانه وتعالى علواً كبيراً. فلا منافاة بين علوه على عرشه ومعيته لجميع الخلائق؛ ألا ترى –ولله المثل الأعلى- أنّ أحدنا لو جعل في يده حبة خردل أنه ليس داخلا في شيء من أجزاء تلك الحبة مع انه محيط بجميع أجزائها ومع جميع أجزائها. والسموات والأرض ومن فيهما في يده تعالى اصغر من حبة خردل في يد أحدنا، وله المثل الأعلى سبحانه وتعالى علواً كبيراً. فهو أقرب إلى الواحد [1] سورة طه، الآية [46] . [2] سورة التوبة، الآية [40] . [3] دفع إيهام الاضطراب –الملحق بأضواء البيان 10/176- 177-. [4] المصدر نفسه 3/390. وانظر كلام شيخ الإسلام في الفتاوى 11/249. وكلام الإمام ابن كثير في تفسيره 4/322. [5] من القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين ص59- بتصرف.