قوله: {أيدينا} لمجرد التعظيم. وما كان كذلك لا يدل على التعدد، فيطلب الدليل من غيره، فإن دل على أن المراد بالتعظيم واحد حكم به. فقوله مثلاً: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [1] قام فيه البرهان القطعي أنه حافظ واحد. وكذلك قوله: {أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [2]، {أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} [3]، {أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ} [4]؛ فإنه قد قام في كل ذلك البرهان القطعي على أنه خالق واحد، ومنزل واحد، ومنشئ واحد. وأما قوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} فقد دل البرهان القطعي على أن الله موصوف بصفة اليدين كما صرح به في قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ} كما تقدم إيضاحه قريباً. وقد علمت أن صيغة الجمع في قوله: {لَحَافِظُونَ} ، وقوله: {أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} ، وقوله: {أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} ، وقوله: {أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ} ، وقوله: {خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [5]، لا يراد بشيء منه معنى الجمع، وإنما يراد به التعظيم فقط"[6].
وهذا الجواب من الشيخ -رحمه الله- مقنع لمن أراد الحق ومعرفة معتقد السلف؛ فهو مقنع لطالب الحق غاية الإقناع بما اشتمل عليه من تقرير علمي رصين.
وقد نبه الشيخ الأمين -رحمه الله- إلى أن قوله تعالى في سورة الذاريات: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [7]أن هذه الآية ليست من آيات الصفات، وأن {أيد} لا يراد منها صفة اليد، وإنما هي بمعنى القوة؛ فقال - [1] سورة الحجر، الآية [9] . [2] سورة الواقعة، الآية [59] . [3] سورة الواقعة، الآية [69] . [4] سورة الواقعة، الآية [72] . [5] سورة يس، الآية [71] . [6] أضواء البيان 7/463- 465.
وانظر كلام أبي الحسن في الإبانة (ص104) ، وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة التدمرية (ص75) عن هذا الإشكال. [7] سورة الذاريات، الآية [47] .