المذكور قاله مخلوق افتراء على الله كقول فرعون: {أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى} [1]. على سبيل فرض المحال، فلا يمكن أن يذكره الله في معرض أنه حقّ وصواب. فقوله: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي} [2]، وقوله: {إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [3] صريح في أنّ الله هو المتكلم بذلك صراحة لا تحتمل غير ذلك، كما هو معلوم عند من له أدنى معرفة بدين الإسلام" [4].
الردّ على الكلابية والأشعرية:
ذهب الكلابية والأشعرية إلى أنّ الله متكلم بكلام قائم بذاته أزلا وأبداً، لا يتعلق بمشيئته وقدرته، إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا، وإن عبر عنه بالعبرانية كان توراة، وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلاً.
ونفوا أن يكون الله متكلماً بحرف وصوت؛ زاعمين أنّ كلامه سبحانه نفسيّ. أما القرآن الكريم: فقد صرحوا بأنه مخلوق محدث ليس كلام الله، بل هو عبارة عن كلام الله[5].
وقد بيّن الشيخ الأمين -رحمه الله- موقفهم من هذه الصفة بعبارة سهلة موجزة، فقال: "اعلم أنّ كثيراً من المتكلمين يزعمون أنّ كلام الله معنى قائم بذاته، مجرد عن الألفاظ والحروف. والأمر عندهم هو اقتضاء الفعل بذلك المعنى القائم بالنفس، المجرد عن الصيغة. ولأجل هذا الاعتقاد الفاسد قسموا الأمر إلى قسمين: نفسيّ ولفظيّ. فالأمر النفسي عندهم هو [1] سورة النازعات، الآية [24] . [2] سورة طه، الآية [14] . [3] سورة النمل، الآية [9] . [4] أضواء البيان 4/293- 294. [5] أصول الدين للبغدادي ص106. والإرشاد ص99. والمواقف ص293. والبرهان ص37. وانظر: الفتاوى 2/165.