بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالعبرانية كان توراة[1].
وسيأتي مزيد إيضاح لكلامه عند الردّ عليهم.
الردّ على الجهمية والمعتزلة:
سبق أن ذكرت أنّ الجهمية والمعتزلة نفوا صفات الله سبحانه وتعالى، ومن الأولى أن ينفوا صفة الكلام عن الله، ولذلك قالوا عن كلام الله إنه مخلوق.
وهذا ماصرح به عبد الجبار المعتزلي[2] بقوله: "وأما مذهبنا في ذلك فهو أنّ القرآن كلام الله تعالى ووحيه، وهو مخلوق محدث" [3].
وقد بيّن الشيخ الأمين -رحمه الله- خطأ هذا القول وجهالة قائله، واستدل بالأدلة السمعية على بطلان هذا الرأي البعيد عن جادة الصواب والحقّ؛ فقال في تفسير النداء المذكور في قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأيْمَنِ} الآية[4]: "فهو كلام الله أسمعه نبيه موسى. ولا يعقل أنه كلام مخلوق. ولا كلام خلقه الله في مخلوق كما يزعم ذلك بعض الجهلة الملاحدة؛ إذ لا يمكن أن يقول غير الله: {إنه أنا الله العزيز الحكيم} [5]، ولا أن يقول: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي} [6]. ولو فرض أنّ الكلام [1] أصول الدين للبغدادي ص106. والإرشاد ص99. والمواقف ص293. وشرح الصاوي على جوهرة التوحيد ص101، 104. وانظر أيضاً: الفتاوى 12/165. والبرهان ص37. ومختصر الصواعق 2/513. [2] عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني الاسترابادي. من كبار أئمة المعتزلة. ولد سنة (359هـ) ، وتوفي سنة (415) . انظر: سير أعلام النبلاء 17/244. ومعجم المؤلفين 5/78. والأعلام 3/273) . [3] شرح الأصول الخمسة ص528. [4] سورة مريم، الآية [52] . [5] سورة النمل، الآية [9] . [6] سورة طه، الآية [14] .