صفة المتكلمين من صفة الكلام وردّ الشيخ الأمين -رحمه الله- عليهم
أكثر المتكلمون من أشاعرة ومعتزلة وجهمية وغيرهم من الخوض في صفة الكلام، حتى قيل إنما سمي علم الكلام بهذا الاسم أخذاً من كثرة ما قيل فيها. ونظراً لما عرف عن القوم من حبّ في الإطالة والسفسطة والأخذ بالجدل العقيم الذي لا يسعفه عقل ولا نقل من أجل تقرير الباطل؛ فقد تشعبت فيها الأقوال، حتى ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أنها سبعة أقوال، أو تزيد[1]، وذكر العلامة أبو العز الحنفي شارح الطحاوية تسعة أقوال في صفة الكلام[2].
ولكن سوف أقتصر على أشهر هذه الأقوال التي انتشرت وذاع صيتها، والتي ذكرها الشيخ الأمين -رحمه الله-، وهما قول المعتزلة والجهمية، وقول الأشاعرة والكلابية[3]؛ فقد ذكرهما -رحمه الله- وكرّ عليهما بالتفنيد والإبطال بالحجج الدامغة من النقل والعقل.
فالقول الأول: قول المعتزلة والجهمية: القائلين أنّ كلام الله عزّ وجلّ مخلوق خلقه الله منفصلا عنه[4].
والقول الثاني: قول الكلابية والأشاعرة: القائلين أنّ الكلام معنى واحد قديم قائم بذات الله، هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار؛ إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا، وإن عبر عنه [1] انظر الفتاوى 12/163. [2] شرح الطحاوية ص180. [3] الكلابية: هم أتباع محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب الذي سلك الأشعري مسلكه في طوره الثاني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (الكلابية والأشعرية خير من هؤلاء –يقصد النجارية والضرارية- في باب الأسماء والصفات فإنهم يثبتون لله الصفات العقلية، وأئمتهم يثبتون الصفات الخبرية في الجملة، كما فصلت أقوالهم في غير هذا الموضع. وأما في باب القدر، وسائر الأسماء والأحكام فأقوالهم متقاربة) .
(الفتاوى 3/103. وانظر: مقالات الإسلاميين 1/249، 251، 2/225، 227) . [4] شرح الأصول الخمسة ص528.