ماذكرنا، والأمر اللفظي هو اللفظ الدالّ عليه كصيغة "افعل""[1].
ثمّ لما فصلّ -رحمه الله- معتقدهم وموقفهم من كلام الله سبحانه وتعالى، ردّ -رحمه الله- على معتقدهم الفاسد مبيّنا بطلانه بالأدلة القوية المقنعة، مبرزاً القول الحقّ في هذه المسألة؛ فقال -رحمه الله-: "إذا علمت ذلك فاعلم أنّ هذا المذهب باطل، وأنّ الحقّ أنّ كلام الله هو هذا الذي نقرؤه بألفاظه؛ فالكلام كلام الباري، والصوت صوت القاري. وقد صرح تعالى بذلك في قوله: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [2]، فصرح بأنّ ما يسمع ذلك المشرك المستجير بألفاظه ومعانيه كلامه تعالى. وأقام الحجج على أنّ ما في النفس إن لم يتكلم به لا يسمى كلاما؛ كقوله في قصة زكريا: {قَالَ آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النَّاس} [3]، مع أنه أشار إليهم كما قال: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا} [4]، فلم يكن ذلك المعنى القائم بنفسه الذي عبر عنه بالإشارة كلاماً. وكذلك قصة مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} الآية[5]، مع قوله: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} [6]، وفي الحديث: " إنّ الله عفى لأمتي عما حدثت به أنفسها مالم تتكلم أو تعمل به" [7]. واتفق أهل اللسان على أنّ الكلام: اسم، وفعل، وحرف. وأجمع الفقهاء على أنّ من حلف لا يتكلم لا يحنث بحديث النفس، وإنما يحنث بالكلام" [8]. [1] مذكرة أصول الفقه للشيخ الأمين ص188-189. [2] سورة التوبة، الآية [6] . [3] سورة مريم، الآية [10] . [4] سورة مريم، الآية [11] . [5] سورة مريم، الآية [26] . [6] سورة مريم، الآية [29] . [7] أخرجه مسلم في صحيحه 1/116-117، بلفظ مقارب لما ذكره الشيخ -رحمه الله-، وفيه: (تجاوز) بدل (عفى) ، مع تقديم وتأخير في بعض ألفاظه. [8] مذكرة أصول الفقه ص188-189.