هذا المحفوظ في الصدور، المقروء بالأسنة، المكتوب بالمصاحف هو كلام الله جلّ وعلا بمعانيه وألفاظه. ولا شك أنّ أصل الكلام صفة لله جلّ وعلا ونحن لا نحب إكثار الخوض فيه ولكن نقول: إنّ الكلام صفة الله التي لم يزل متصفاً بها، ولم يتجرد يوما عن كونه متكلماً، وهو في كلّ وقت يتكلم بما شاء كيف شاء على الوجه اللائق بكماله وجلاله؛ فكلامه صفة ليس بمخلوق"[1].
وهذا النصّ من كلام الشيخ الأمين –رحمه الله- واضح الدلالة على أنّ عقيدته في كلام الله هي عقيدة السلف؛ أنّ الله يتكلم حقيقة متى يشاء، وكيف يشاء، وأننا لا نعلم كيفية كلامه سبحانه وتعالى، والقرآن الكريم كلام الله غير مخلوق، وفي ذلك ردّ على الجهمية والمعتزلة، وهو ما سوف أوضحه فيما بعد إن شاء الله.
ومن الأدلة على أنّ عقيدة الشيخ الأمين –رحمه الله- في صفة الكلام هي عقيدة السلف عينها، أنّ ما قاله أئمة السلف عن صفة الكلام مطابق تمام المطابقة لما ذكره الشيخ الأمين –رحمه الله-:
فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "إنّ الله لم يزل متكلما إذا شاء، وأنه يتكلم بصوت كما جاءت به الآثار. والقرآن وغيره من الكتب الإلهية كلام الله تكلم به بمشيئته وقدرته، وليس ببائن عنه مخلوقاً، ولا يقولون إنه صار متكلماً بعد أن لم يكن متكلماً، ولا أنّ كلام الله تعالى من [1] الشريط الأول من تفسير سورة التوبة، الوجه الأول، عند تفسير قوله تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} . وانظر: مذكرة أصول الفقه للشيخ الأمين ص 54،189. وأضواء البيان 2/309. ومنهج ودراسات ص16. ورحلة الحج ص76.