مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ} [1] فالقول الذي قاله الله لهم، هو قوله: "حطة"؛ وهي فعلة من الحطّ بمعنى الوضع: خبر مبتدأ محذوف؛ أي دعاؤنا ومسألتنا لك حطة لذنوبنا؛ أي حطّ وضعها عنا، فهي بمعنى طلب المغفرة. وفي بعض روايات الحديث[2] في شأنهم أنهم بدلوا هذا القول بأن زادوا نوناً فقط، فقالوا: حنطة؛ وهي القمح. وأهل التأويل قيل لهم على العرش استوى، فزادوا لاما فقالوا استولى. وهذه "اللام" التي زادوها أشبه شيء بالنون التي زادها اليهود في قوله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [3]، وبقول الله جلّ وعلا في منع تبديل القرآن بغيره: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [4]. ولا شك أنّ من بدل استوى باستولى مثلا لم يتبع ما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فعليه أن يجتنب التبديل، ويخاف العذاب العظيم الذي خافه رسول الله صلى الله عليه وسلم لو عصى الله فبدل قرآنا بغيره، المذكور في قوله: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} . واليهود لم ينكروا أنّ اللفظ الذي قاله الله لهم هو لفظ حطة، ولكنهم حرفوه بالزيادة المذكورة، وأهل هذه المقالة لم ينكروا أنّ كلمة القرآن هي استوى، ولكن حرفوها وقالوا في معناها: استولى. وإنما أبدلوها بها لأنها أصلح في زعمهم من لفظ كلمة القرآن التي توهم غير اللائق، وكلمة استولى في زعمهم هي المنزهة اللائقة بالله، مع أنه لا يعقل تشبيه أشنع من تشبيه استيلاء الله على عرشه المزعوم باستيلاء بشر على [1] سورة الأعراف، الآية [162] . [2] انظر: مسلم 4/2312 وفيه: أنهم قالوا: حبة في شَعَرَة بدل حطة. وفي مسند الإمام أحمد (وقولوا حطة. قال بدَلوا فقالوا: ((حنطة في شعرة)) بدل حطة انظر الفتح الرباني 18/73. [3] سورة البقرة، الآية [58] . [4] سورة يونس، الآية [15] .