وتعالى[1]، ولهم تأويلات مختلفة في نفي تلك الصفة عن الله، ولكنّ مؤدى الكل واحد من حيث تعطيل الله جلّ وعلا عن الاتصاف بهذه الصفة العظيمة، وتحريفها عن الاستواء إلى الاستيلاء[2].
وقد ناقشهم الشيخ الأمين -رحمه الله- مناقشة علمية رصينة أظهر من خلالها كثيراً من التحريفات التي وقعوا فيها، واستوعب مزاعمهم وأدلتهم التي جمعوها، وبيّن أنهم بهذه المزاعم يريدون التوصل إلى نفي الاستواء عن الله سبحانه وتعالى.
ومن هذه المزاعم التي ذكروها: قالوا: إنّ قوله: على العرش استوى مجاز؛ فنفوا الاستواء؛ لأنه مجاز، وقالوا: معنى استوى: استولى. وشبهوا استيلاءه باستيلاء بشر بن مروان على العراق. وقالوا أيضاً: إنّ الاستواء يوهم غير اللائق بالله لاستلزامه مشابهة استواء الخلق، فجاؤوا بالاستيلاء لأنه هو اللائق به بزعمهم[3].
ونبّه -رحمه الله- إلى مشابهة المؤولة لليهود الذين بدلوا كلام الله وحرفوه، فغضب الله عليهم ولعنهم، وذكر أنّ المؤولة سلكوا الطريق نفسه الذي سلكه اليهود؛ فقال -رحمه الله- مبينا هذا المعنى: (ولو تدبروا كتاب الله لمنعهم ذلك من تبديل الاستواء بالاستيلاء، وتبديل اليد بالقدرة، أو النعمة؛ لأنّ الله جلّ وعلا يقول في محكم كتابه في سورة القرة: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا منهم قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُون} [4]، ويقول في الأعراف: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا [1] انظر: منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص27، 28. [2] انظر: الإرشاد ص40، 41. وشرح الأصول الخمسة لعبد الجبار المعتزلي ص226، 227. وانظر أيضاً: مختصر الصواعق المرسلة 2/379، 380. [3] انظر: أضواء البيان 7/452. وانظر أيضاً: المصدر نفسه 7/454. وآداب البحث والمناظرة 2/135. ورحلة الحج ص84. [4] سورة البقرة الآية [59]