والسنة هي على الحقيقة كما يليق بجلاله، وليس كما يدعي المؤولة أنها مجاز، فيقولون: الاستواء: معناه الاستيلاء، واليد: القدرة، وهكذا، يحرفون الصفات، ويعطلون الله عن صفاته العظيمة.
قال الشيخ -رحمه الله-: "إن جميع ما وصف الله به نفسه في هذا القرآن من الصفات؛ كالاستواء، واليد، والوجه، ونحو ذلك من جميع الصفات فهو موصوف به حقيقة لا مجازاً1، مع تنزيهه جلّ وعلا عن مشابهة صفات الحوادث سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيراً. وذلك البيان العظيم لجميع الصفات في قوله جلّ وعلا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [2]، فنفى عنه مماثلة الحوادث بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، وأثبت
له الصفات على الحقيقة بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ... "[3].
وقال -رحمه الله- في موضع آخر: "فإثبات الحقيقة ونفي المجاز في صفات الله هو اعتقاد كل مسلم طاهر القلب من أقذار التشبيه؛ لأنه لا يسبق إلى ذهنه من اللفظ الدالّ على الصفة؛ كصفة اليد والوجه، إلا أنها صفة كمال منزهة عن مشابهة صفات الخلق. فلا يخطر في ذهنه التشبيه الذي هو سبب نفي الصفة وتأويلها بمعنى لا أصل له"[4].
وما أشار إليه الشيخ -رحمه الله- أمر مجمع عليه عند السلف وقاعدة تُجرى على كل الصفات.
وسأذكر كلام بعض العلماء الذين سبقوا الشيخ الأمين –رحمه الله- في
1 للشيخ الأمين -رحمه الله- رسالة مفردة في نفي المجاز، سماها ((منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز)) أثبت فيها أن القرآن كله حقائق لا مجاز فيه، وأنّ القول بالمجاز ذريعة لنفي ما أثبته الله لنفسه من صفات الكمال بادعاء أنها مجاز وأنّ المجاز يجوز نفيه، وهذا من أعظم وسائل التعطيل.
(انظر مقدمة هذه الرسالة ص3-4. وهي ملحقة بأضواء البيان، الجزء العاشر) . [2] سورة الشورى، الآية [11] . [3] أضواء البيان 1/82. وانظر: المعين والزاد ص41-45. [4] أضواء البيان 7/463.