إن الظاهر غير مراد بالتفسير؛ وهو مراد الجهمية، ومن تبعهم من المعتزلة والأشعرية وغيرهم: فقد أخطأ" [1].
وقال الشيخ مرعي المقدسي[2] -رحمه الله-: "ومن المعلوم أنه عليه السلام كان يحضر في مجلسه الشريف والعالم والجاهل والذكي والبليد والأعرابي الجافي، ثم لا يجد –أي الناظر في نصوص الصفات- شيئاً يعقب تلك النصوص مما يصرفها عن حقائقها لا نصا ولا ظاهراً كما تأولها بعض هؤلاء المتكلمين. ولم ينقل عنه عليه السلام أنه كان يحذر الناس من الإيمان بما يظهر من كلامه في صفته لربه من الفوقية واليدين ونحو ذلك، ولا نقل عنه أن لهذه الصفات معاني أخر باطنة غير ما يظهر من مدلولها، ولما قال للجارية: "أين الله"؟ فقالت: في السماء، لم ينكر عليها بحضرة أصحابه كي لا يتوهموا أن الأمر على خلاف ما هو عليه، بل أقرها، وقال: "اعتقها فإنها مؤمنة" 3"[4].
فأين في كل هذا ما ظاهره التشبيه إذا كانت الصفة تابعة للموصوف. فالله يوصف من هذه الصفات بما يليق بجلاله وعظمته، فليست صفته سبحانه مشابهة لصفات خلقه وإن اشتركت معها في اللفظ الوارد؛ لأن صفة المخلوق تابعه لضعفه وافتقاره، وصفه الخالق على ما يليق بكماله وعظمته وجلاله.
القاعدة الخامسة: الصفات على الحقيقة لا مجاز فيها:
يؤكد الشيخ الأمين –رحمه الله- أن صفات الله تعالى الواردة في الكتاب [1] الرسالة المدنية ص36. –تحقيق الوليد بن عبد الرحمن الفريان. [2] هو مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي المقدسي. مؤرخ أديب من كبار الفقهاء. ولد في طور كرم في فلسطين، ثم انتقل إلى القاهرة، وتوفي بها سنة (1033?) .
(انظر: الأعلام 7/203. ومعجم المؤلفين 12/218) .
3 أخرجه مسلم 1/382. [4] أقاويل الثقات ص85. وانظر: رسالة في الاستواء والفوقية لأبي محمد الجويني –ضمن رسائل المجموعة المنيرية 1/177.