عن طاعته، كأهل الشام مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإن أولئك خارجون عن الإسلام بمنزلة مانعي الزكاة وبمنزلة الخوارج الذي قاتلهم علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، ولهذا افترقت سيرته رضي الله عنه في قتاله أهل البصرة وأهل الشام وفي قتاله لأهل النهروان، فكانت سيرته مع البصريين والشاميين سيرة الأخ مع أخيه، ومع الخوارج بخلاف ذلك، وثبتت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بما استقر عليه إجماع الصحابة من قتال الصديق رضي الله عنه لمانعي الزكاة، وقتال علي للخوارج. انتهى كلامه رحمه الله تعالى. فتأمل رحمك الله تعالى تصريح هذا الإمام في هذه الفتوى بأن من امتنع عن شريعة من شرائع الإسلام كالصلوات الخمس والصيام والزكاة أو الحج، أو ترك المحرمات كالزنا أو تحريم الدماء والأموال أو شرب الخمر أو المسكرات أو غير ذلك، أنه يجب قتال الطائفة الممتنعة عن ذلك حتى يكون الدين كله لله ويلتزموا جميع شرائع الإسلام، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين، وملتزمين بعض شرائع الإسلام، وأن ذلك مما اتفق عليه الفقهاء من سائر الطوائف، الصحابة فمن بعدهم، وأن ذلك عمل بالكتاب والسنة. فتبين لك أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال، وأنهم يقاتلون قتال الكفر وخروج عن الإسلام كما صرح به في آخر الفتوى بقوله: وهؤلاء عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة الخارجين على الإمام بل هم خارجون عن الإسلام بمنزلة مانعي الزكاة. والله أعلم. وقال الشيخ رحمه الله تعالى في آخر كلامه على كفر مانعي الزكاة: والصحابة لم يقولوا هل أنت مقر بوجوبها أو جاحد لها؟ هذا لم يعهد عن الصحابة بحال، بل قال الصديق لعمر رضي الله عنهما: والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. فجعل المبيح للقتال مجرد المنع لا جحد الوجوب وقد روي أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب لكن يخلون بها، ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم سيرة واحدة وهي قتل مقاتلهم، وسبي ذراريهم، وغنيمة أموالهم، والشهادة على قتلاهم بالنار، وسموهم جميعا أهل الردة، وكان من أعظم فضائل الصديق عندهم أن ثبته الله على قتالهم، ولم يتوقف كما توقف غيره حتى