الذي فعله المشركون، وأن كثيرا منها بمنزلة اللات والعزى ومناة بل أعظم شركا من شرك أهل اللات والعزى ومناة وتصريحه بأنهم فعلوا فعل المشركين، واتبعوا سبيلهم حذو القذة بالقذة. وتأمل قوله: وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم، والله أعلم. وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى - لما سئل عن قتال التتار مع التمسك بالشهادتين، ولما زعموا من اتباع أصل الإسلام - فقال: كل طائفة ممتنعة عن التزام شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم أو غيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه، كما قاتل أبو بكر والصحابة رضى الله عنهم مانعي الزكاة. وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم، مع سابقة مناظرة عمر لأبي بكر رضى الله عنهما، فاتفق الصحابة على القتال على حقوق الإسلام عملا بالكتاب والسنة. وكذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من عشرة أوجه الحديث عن الخوارج والأمر بقتالهم، وأخبر أنهم شر الخلق والخليقة، مع قوله "تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكن مع صيامهم" فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال، فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله، وحتى لا تكون فتنة، فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب، فأيما طائفة ممتنعة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء والأموال أو الخمر أو الزنا أو الميسر أو نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب أو غير ذلك من التزام واجبات الدين أو محرماته التي لا عذر لأحد في جحودها أو تركها والتي يكفر الواحد بجحودها. فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها، وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء، وإنما اختلف العلماء في الطائفة الممتنعة إذا أصرت على ترك بعض السنن كركعتي الفجر أو الأذان أو الإقامة عند من لا يقول بوجوبها، ونحو ذلك من الشعائر، فهل تقاتل الطائفة الممتنعة على تركها أم لا؟ فأما الواجبات أو المحرمات المذكورة ونحوها فلا خلاف في القتال عليها، وهؤلاء عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة الخارجين على الإمام أو الخارجين