وأما المعقول الصريح فلا يشك عاقل في أن إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم، فلا تعتريهم الشبهة ولا يتزلزل إيمانهم بعارض، وأما غيرهم من المؤلفة قلوبهم فليسوا كذلك [1]، ويؤيده أن كل أحد يعلم أن ما في قلبه يتفاضل حتى إنه يكون في بعض الأحيان أعظم يقينا وإخلاصا وتوكّلا منه في بعضها [2].
وبهذا سلم بعض المنصفين من الأشاعرة والماتريدية، كابن اللبان [3] والرازي والبغدادي والإيجي والجرجاني [4] والباقلاني.
قال الإيجي: "والحق أن التصديق يقبل الزيادة والنقصان من وجهين:
الأول: القوة والضعف ...
الثاني: التصديق التفصيلي في أفراد ما علم مجيئه به جزء من الإيمان، يثاب عليه ثوابه على تصديقه بالإجمال، والنصوص الدالة على قبوله لهما" [5]. [1] انظر المنهاج شرح صحيح مسلم 1/148، 1498، وفتاوى الإمام النووي المسماة بالمسائل المنثورة ص304. [2] فتح الباري 1/46، 47. [3] هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الأصبهاني. قال عنه الخطيب: "المعروف بابن اللبان أحد أوعية العلم ومن أهل الدين والفضل ... سمعنا منه وله كتب كثيرة مصنفة وكان من أحسن الناس تلاوة للقرآن ومن أوجز الناس عبارة في المناظرة مع تدين جميل وعبادة كثيرة وورع بيّن" مات سنة "446هـ. تاريخ بغداد 10/144. وانظر ترجمته في المنتظم "1628"، وسير أعلام النبلاء 17/653. [4] انظر أصول الدين للبغدادي ص252؛ والمواقف ص338؛ وشرح المواقف 8/331؛ وتحفة المريد ص51؛ والإيمان للقاضي أبي يعلى ص339؛ والإنصاف ص58؛ والمحصل للرازي ص239. [5] المواقف ص388.