وقال الجرجاني: "فإن التصديق من الكيفيات النفسانية المتفاوتة قوة وضعفا" [1].
الدليل الثالث: "أنه يلزم من القول بزيادة الإيمان ونقصانه ألا يوجد أحد استكمل الإيمان حتى الأنبياء والمرسلون ... ".
الجواب عنه من وجوه:
1- يقال:"إنه إذا جاز عندك في النوافل أن تصفها أنها طاعة وعبادة ولا آخر لها، فما يمنع أن تصف الإيمان بذلك وإن لم يكن له آخر، وعلى أن لها آخرا في الوصف، وإن لم يكن لها آخرا في الفعل، كما أن للفرائض آخرا في الوصف دون الفعل، لأنه لو قيل بينوا في الفرائض حدا لا زيادة معه؛ لم يمكن لأنه لا يعلم منتهى أجله فيعلم قدر ما يلزمه من الفرائض" [2].
2- أن الإيمان من الكليات [3] المشككة تتفاوت أفرادها، كما أن العلم من الكليات المشككة، وهكذا من يوصف بالإيمان والعلم، فالمؤمن والعالم أيضا من الكليات المشككة، قال الله تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} "سورة يوسف: الآية76".
فإذا كان الأمر كذلك فالأنبياء والمرسلون بعد استكمال إيمانهم بأداء الواجبات واجتناب النواهي يتفاوتون في الدرجات بسبب النوافل وهذا [1] شرح المواقف 8/331. [2] مسائل الإيمان للقاضي أبي يعلى ص250. [3] الكلي: هو المنسوب إلى الكل، تقول: العلم الكلي: أي العلم الشامل لكل شيء. والكلي عند المنطقيين: هو الشامل بجميع الأفراد الداخلين في صنف معين أو هو المفهوم الذي لا يمنع تصوره من أن يشترك فيه. انظر التعريفات ص186، والمعجم الفلسفي لجميل صليبا 2/238.