نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 1 صفحه : 646
باطله، ونفقت محالاته، وطبقت أرضه وسماءه استحالاته، فليثه كأسد، وذئبه مستأسد، وحفّاثه تنمّر [1] ، وبغاثه قد استنسر، فلا استراحة إلا في معاطاة حميّا، ومواخاة وسيم المحيّا، وقد كان ابن عمار ذهب مذهبه، وفضّضه بالإبداع وذهّبه، حين دخل سرقسطة ورأى غباوة أهلها، وتكاثف جهلها، وشاهد منهم من لا يعلم معنى ولا فصلاً، وواصل من لا يعرف قطعاً ولا وصلاً، فأقبل على راحه يتعاطاها، وعكف عليها ما تعدّاها ولا تخطّاها، حتى بلغه أنهم نقموا معاقرته العقار، وجالت ألسنتهم في توبيخه مجال ذي الفقار، فقال:
نقمتم عليّ الرّاح أدمن شربها ... وقلتم فتى راحٍ وليس فتى مجد
ومن ذا الذي قاد الجياد إلى الوغى ... سواي ومن أعطى كثيراً ولم يكد؟
فديتكم لم تفهموا السّرّ، إنّما ... قليتكم جهدي فأبعدتكم جهدي ودعي ابن السّيد ليلة إلى مجلس قد احتشد فيه الأنس والطرب، وقرع فيه السرور نبعه بالغرب، ولاحت نجوم أكواسه، وفاح نسيم رنده وآسه، وأبدت صدور أباريقه أسرارها، وضمّت عليه المجالس أزرارها، والراح يديرها أهيف أوطف، والأماني تجنى وتقطف، فقال:
يا ربّ ليلٍ قد هتكت حجابه ... بمدامةٍ وقّادة كالكوكب
يسعى بها أحوى الجفون كأنّها ... من خدّه ورضاب فيه الأشنب
بدران بدرٌ قد أمنت غروبه ... يسعى ببدر جانح للمغرب
فإذا نعمت برشف بد غارب ... فانعم برشفة طالعٍ لم يغرب [1] ق ك ط ج ودوزي: وأضغاثه تنسر، وفي أزهار الرياض: وأحفاشه، وكل ذلك خطأ؛ والحفاث تحدث عنه الجاحظ في الحيوان (4: 147) فقال: " وفي البادية حية يقال لها الحفاث ... ولها وعيد منكر ونفخ وإظهار للصولة وليس وراء ذلك شيء. ".
نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 1 صفحه : 646