نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 1 صفحه : 635
بالحير ما عبست هناك غمامة ... إلاّ تضاحك إذخراً وجليلا
يوماً وليلاً كان ذلك كلّه ... سحراً وهذا بكرةً وأصيلا
لا أدركت تلك الأهلّة دهرها ... نقصاً ولا تلك النجوم أفولا قال أبو نصر: الحير الذي ذكره هنا حير الزّجّالي خارج باب اليهود بقرطبة الذي يقول فيه أبو عامر بن شهيد [1] :
لقد أطلعوا عند باب اليهود ... شمساً أبى الحسن أن تكسفا
تراه اليهود على بابها ... أميراً فتحسبه يوسفا وهذا الحير من أبدع المواضع وأجملها، وأتمها حسناً وأكملها، صحنه مرمر صافي البياض، يخترقه جدول كالحيّة النّضناض، به جابية، كل لجّة بها كابية، قد قربصت بالذهب واللازورد سماؤه، وتأزّرت بهما جوانبه وأرجاؤه، والروض قد اعتدلت أسطاره، وابتسمت من كمائمها أزهاره، ومنع الشمس أن ترمق ثراه، وتطّر النسيم بهبوبه عليه ومسراه، شهدت له ليالي وأيّاماً كأنّما تصورت من لمحات الأحباب، أو قدّت من صفحات أيام الشباب، وكانت لأبي عامر بن شهيد به فرجٌ وراحات، أعطاه فيها الدهر ما شاء، ووالى عليه الصحو والانتشاء، وكان هو وصاحب الروض المدفون بإزائه أليفي صبوة، وحليفي نشوة، عكفا فيه على جريالهما، وتصرفا بين زهوهما واختيالهما، حتى ردّاهما الردى، وعداهما الحمام عن ذلك المدى، فتجاورا في الممات، تجاورهما في الحياة، وتقلصت عنهما وارفات تلك الفيئات، وإلىذلك العهد أشار ابن شهيد وبه عرّض، وبشوقه صحح وما مرض، حيث يقول عند موته يخاطب أبا مروان صاحبه وأمر أن يدفن بإزائه [1] القلائد: 153 وديوان ابن شهيد: 100؛ وقد مرا في الكتاب ص: 156.
نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 1 صفحه : 635