responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نضرة الإغريض في نصرة القريض نویسنده : العلوي الحسيني، المظفر بن الفضل    جلد : 1  صفحه : 82
وجَدْنا في كتابِ تميمٍ ... أحَقُّ الخيلِ بالركضِ المعارُ
أحقُ مُبتدأ والمُعارُ خبرُه، بعينٍ غير مُعجمَة، وهو أنّ الفرسَ ينفلِتُ فيذهبُ يميناً وشمالاً من مرحِه وأرَنِه، يقال: عارَ الفارسُ وأعارَهُ صاحبُه فهو مُعارٌ. والناس يظنون المُعارَ من العارِية وهو خطأ.
ورواهُ بعضُ أهل الأدبِ بخط أبي عليّ الفارسي: المُغار بغين مُعجمةٍ، وهو من أغَرْتُ الحبْلَ فتلتُهُ فهو مُغارٌ. يعني أنّ الفرسَ إذا ضمَرَ واندمَجَ في شحمِه وذهبَتِ البِطْنَةُ عنه كان حقيقاً بالمسابقةِ به. وما رأيتُ العلماءَ باللغةِ اعتمدوا على هذا المعنى، والصحيحُ ما رَوَوْهُ أولاً.
وممّا ينبغي أنْ يتجنّبه الشاعرُ من سوءِ الأدب في خطابِه، ويعطفَ عليهِ جيّدَ البحثِ والتنقيبِ حتى يهتديَ الى صوْبِ صوابِه ما غلِطَ فيه الشُعراءُ وعابَهُ عليهم العُلماء، كقولِ بعضِهم وقد مدحَ زُبيدةَ وهي تسمعُ من أبياتٍ:
أزُبَيْدة ابنةُ جعفرٍ ... طوبى لزائرِك المثابْ
تُعطينَ من رِجْلَيْكِ ما ... تُعطي الأكفُّ من الرِّغابْ
فهمّ الخدمُ والحشمُ بضربه، فقالتْ: دعُوهُ فإنّه لم يُردْ إلا خيراً، ولكنهُ أخطأ الصّوابَ، وضلّ عن المنهجِ، لأنه سمعَ قولَهم في الشعر: شمالُكِ أندى من يمينِ غيرِك، وظهرُكِ أحسنُ من وجهِ سواك، فظنّ أن الذي ذهبَ إليه من ذلك القبيل، أعطوهُ ما أمّلَ ونبّهوهُ على ما أهمل. فعجبَ الناسُ من حِلمها وضياءِ حِسِّها وفهمِها، وليسَ كلُّ ممدوحٍ حليماً، ولا كلُّ سامعٍ عليماً. وقريبٌ من هذا ما رَثَى به أبو الطيّب والدةَ سيفِ الدولة بقوله:
رِواقُ العِزِّ فوقَكِ مُسْبَطِرٌ ... ومُلْكُ عليٍّ ابنِكِ في كمالِ
ولولا غَفْلةٌ ذهبتْ بعقلِ أبي الطيّب ورانَتْ على حِسّه وفهمِه لما خاطبَ ملِكاً في أمّه بذلك ولا جعلَ شيئاً مُسبطِرّاً فوقَها. وهذا كقوله أيضاً:
لو استطعتُ ركبتُ الناسَ كلَّهمُ ... الى سعيدِ بنِ عبدِ الله بُعْرانا
أوَ ما علمَ أبو الطيب أن زوجةَ سعيدٍ وأمَّه من جُملةِ الناس، فكيفَ ذهبَ عنهُ ذلك حتى اعتمدَه، وشافه الممدوح بهِ وأنشدَه؟! وللهِ درّ المتوكّل الليثيّ حيث يقول:
الشِّعْرُ لُبُّ المَرْءِ يعرِضُهُ ... والقولُ مثلُ مواقِعِ النَّبْلِ
منها المُقصِّرُ عن رَمِيّتِه ... ونواقِرٌ يَذْهَبْنَ بالخَصْلِ
أخذ ذلك من قولِهم: الشرُ كالنَّبْلِ في جَفيرك إذا رمَيْتَ به الغرضَ. فمنهُ طالِعٌ وواقِعٌ، وعاضدٌ وقاصرٌ. فالطالعُ الذي يعلو الغَرَضَ، لم يَزغْ عنه يميناً ولا شمالاً وهو مستحَبٌّ. والواقعُ الذي يقعُ بالغرضِ. والعاضدُ الذي يقعُ عن يمين الغرَض أو شمالِه، وهو شرُّها. والقاصرُ الذي يقصّرُ دونَ الغرض فلا يبلغه. وقوله: ونواقِرٌ يذهبنَ بالخَصْلِ، أي صوائب، يُقال: نقرَ السّهمُ فهو ناقِرٌ إذا أصابَ، والنَواقِر: الدواهي.
وينبغي للشاعر أن يجتنبَ التناقضَ في شعره، فإنّه من أوْفَى عيوبِ الشرِ الدالّة على جهلِه بالمعاني ووضْعِ الكلام مواضِعَهُ. وقد عيبَ على جماعةٍ من الشعراء القدماءِ ذلك، وهو أنّ الشاعرَ يبتَدئُ بشيءٍ ويقرره ثم يعطِفُ عليه، إمّا في باقي البيتِ أو في الذي يليه، فينقضُ ما بناهُ، ويأتي بما يخالفُ معناهُ فمن ذلك ما ناقضَ فيه على سبيلِ المُضافِ عبدُ الرحمن القَسُّ حيث يقول:
وإنّي إذا ما المَوْتُ حلّ بنفسِها ... يُزالُ بنفسي قبلَ ذاكَ فأُقْبَرُ
جمعَ بين قبلُ وبعدُ وهما من المُضاف، لأنه لا قَبْلَ إلا لبَعْدٍ ولا بعدَ إلا لقَبْلٍ. فإنّ قولَه: إذا حلّ الموتُ بها، وفي هذا الكلام معنى الشرط وقد وضعَهُ ليكونَ له جواباً يأتي به، وجوابُه: يُزالُ بنفسي قبلَ ذاك، وهذا تناقضٌ مِثالهُ قولُ القائل: إذا ماتَ زيدٌ ماتَ عمروٌ قبلَهُ، فجعلَ ما هو قبلُ بعْداً وهذا معنىً يغلطُ فيه خلْقٌ كثيرٌ ولا يُحقّقونه.
ومثلُه في التناقُض على سبيلِ الإيجابِ والسّلْبِ قولُه أيضاً:
أرى هجْرَها والقتلَ مِثْلَيْنِ فاقْصُروا ... ملامَكُمُ فالقتلُ أعْفى وأيْسَرُ

نام کتاب : نضرة الإغريض في نصرة القريض نویسنده : العلوي الحسيني، المظفر بن الفضل    جلد : 1  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست