responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نضرة الإغريض في نصرة القريض نویسنده : العلوي الحسيني، المظفر بن الفضل    جلد : 1  صفحه : 83
فأوجبَ أنّ الهجرَ والقتلَ مِثلانِ، ثم سلبَهما ذلك بقوله: إنّ القتلَ أعفى وأيسَر، فكأنّه قال: إنّ القتلَ مثلُ الهجر وليس هو مِثله. ومن ذلك قولُ ابن نوفل:
لأعلاجٍ ثمانيةٍ وشَيْخٍ ... كبير السّنِّ ذي بصَرٍ ضَريرِ
ضرير: فعيل من الضُرّ، ولا يُستعملُ في الأكثرِ إلا لمَنْ لا بصَرَ له؛ فكأنّه يقول: إنّ لهُ بصَراً ولا بصَرَ له؛ فهو بصيرٌ أعمى، وهذا تناقضٌ ظاهر. وقال مسلمُ بنُ الوليد:
عاصَى الشبابَ فراحَ غيْرَ مفنَّدِ ... وأقامَ بينَ عزيمةٍ وتجَلُّدِ
قال له الحَكَميّ: كيفَ يكونُ الإنسان رائحاً مُقيماً، والرّواحُ لا يكونُ إلا بانتقالٍ منْ مكانٍ الى مكان، ثم قلتَ وأقام بين عزيمةٍ وتجلُّدِ، فجعلتهُ مُنتقِلاً مُقيماً. وهذا تناقض وله عندي حُجّةٌ ليسَ هذا موضعَ ذكرِها. وقال محمودُ بنُ مروانَ ابن أبي الجَنوب:
لي حيلةٌ فيمَنْ ينُ ... مُّ وليسَ في الكذّابِ حِيلَهْ
من كانَ يخلُقُ ما يُري ... دُ فَحيلَتي فيهِ قَليلهْ
ناقضَ لأنه قال: وليسَ في الكذّابِ حيلة، ثم قال: فحيلتي فيه قليلة. وهذا ظاهرٌ بيّنٌ.
وينبغي للشاعرِ أنْ يتجنبَ التّثْليمَ، وهو أنْ يجيءَ بالأسماءِ ناقصةً لإقامةِ الوزن، كقولِ علقمةَ بنِ عَبَدة الفَحْل:
كأنّ إبْريقَهُمْ ظَبْيٌ على شرَفٍ ... مُفَدّمٌ بِسَبا الكَتّانِ مَلْثومُ
أرادَ بسبائِبِ الكتانِ فحذفَ. وكقول لبيد:
درَسَ المَنا بمُتالِعٍ فأبانِ
أرادَ المنازلَ فحذفَ. وقال إسحاقُ بنُ خلفٍ البصري:
ولُبْسُ العَجاجةِ والخافقاتُ ... تريكَ المَنا برؤوسِ الأسَلْ
أراد المنايا فحذفَ. وقال الآخر: وهذا يُسمّى التّغييرُ؛ وهو إحالةُ الاسمِ عن صورتِه:
ونسْجِ سُلَيْمٍ كلَّ قضّاءَ ذائِلِ
أراد: ونسج سُليمان، فحذفَ النون. وقال الآخر:
من نسْجِ داودَ أبي سَلاّم
فجعلَ سليمانَ سَلاّماً وهو تغييرٌ قبيحٌ.
وينبغي للشّاعِرِ أن يتجنّبَ التذنيب وهو ضِدُّ التثليم، وذاك أن يأتي بألفاظٍ تُقصِّرُ عن إقامةِ الوزن فيزيدُها حروفاً ليفتِمّ عروضَ البيت كقولِ الشاعر:
لا كعَبْدِ المليكِ أو كيزيدٍ ... أو سُليمانَ بعْدُ أو كهِشامِ
أرادَ أن يقول: كعبدِ الملكِ، يعني ابنَ مروان، فجعلَه كعبدِ المليكِ لإقامةِ الوزنِ. والمليكُ والمَلِكُ اسمان للهِ تعالى، وليس إذا سُمّي إنسانٌ بالتعبّدِ لأحدِهما وجبَ أن يُدعى بالآخر كما أنّ من سُمِّيَ بعبدِ الرحمنِ لا يجبُ أن يُدعَى بعبدِ الرحيم.
وينبغي للشّاعرِ أنْ يتجنّب الإخلالَ، وهو أن يتركَ من اللفظِ ما يتمُّ به المعنى، كقولِ عُبَيْدِ اللهِ بن عبد الله بن عُتْبَةَ بن مسعود:
أعاذِلَ عاجِلُ ما أشْتَهي ... أحَب من الأكثرِ الرائِثِ
أرادَ أن يقول: عاجلُ ما أشتهي مع القِلّةِ أحبُّ إليّ من الأكثر المبطئ، فتركَ مع القلّةِ وبهِ يتمّ المعنى. وقال عُرْوَةُ بنُ الورد:
عجِبْتُ لهُمْ إذ يقتلونَ نُفوسَهُم ... ومقتلُهُمْ يومَ الوَغى كانَ أعْذَرا
أراد: عجبْتُ لهم إذ يقتلون نفوسَهم في السِّلْم ومقتلُهم يومَ الوَغى أعذرُ، فتركَ في السلم وبه يتِمُّ المعنى.
وينبغي للشاعِرِ أن يتجنب الزيادة كما يجبُ أن يتجنّبَ الإخلالَ وهو أن يأتي في الكلامِ بما لا حاجةَ له إليه فيفسد ما قصدَهُ من المعنى بتلك الزيادة كما قال الشاعر:
فَما نُطْفَةٌ من ماءِ نهْضٍ عَذيبةٌ ... تمنّعُ من أيدي الرُقاةِ يرومُها
بأطيبَ من فيها لو انّكَ ذُقْتَهُ ... إذا ليلةٌ أسْجَتْ وغارَتْ نجومُها
قولُه: لو أنّك ذُقتَه، زيادة أفسدَ بها المعنى، لأنه أوْهمَ أنك إذا لم تذُقْهُ لم يكن طيّباً. ولو قال: بأطيبَ من فيها وإنّي لَصادِقٌ، لكان أوكدَ في الإخبارِ وأصحّ في الانتقادِ.
وينبغي للشاعرِ أن يتجنّب فسادَ التفسير وهو أن يقَرِّرَ معنىً ثمّ يحاولَ تفسيرَ ما قرّره، فلا يأتي بما يطابقُ ما قدّمَه فيُفسِدَ تفسيرَه ويُغايرَ تقريرَه، كما قال الشاعر:
فيا أيُّها الحيْرانُ في ظُلَمِ الدُجى ... ومَنْ خافَ أن يَلْقاهُ بغْيٌ من العِدَى

نام کتاب : نضرة الإغريض في نصرة القريض نویسنده : العلوي الحسيني، المظفر بن الفضل    جلد : 1  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست