نام کتاب : ملامح يونانية في الأدب العربي نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 76
وتعود إلى الظهور تلك القصة التي تتصل بأوميرس عن الليث الذي يأبى أن يلطخ شاربه بدم الخنزير، في رسالة كتب بها المنصور العباسي إلى ابن هبيرة، حين دعاه للمبارزة، ونص الرسالة: " يا ابن هبيرة إنك امرؤ متعد لطورك، جار في عنان غيك، يعدك الشيطان ما الله مكذبة، ويقرب لك ما الله مباعده؟ مثلي ومثلك أن أسدا لقي خنزير، قاتلني، فقال الأسد: إنما أنت خنزير ولست لي بكفؤ ولا نظير، ومتى فعلت الذي دعوتني اليه فقتلتك قيل: قتل خنزيرا، فلم أعتقد بذلك فخرا ولا ذكرا، وإن نالني منك شيء كان مسبة علي وإن قل، فقال: إن أنت لم تفعل رجعت فأعلمت السباع أنك نكلت عني وجبنت عن قتالي، فقال الأسد: احتمال عار كذلك أيسر علي من لطخ شاربي بدمك " [1] وورود هذه الحكاية على هذا النحو في تاريخ إسلامي مبكر، ينفي ما حاول ابن بطلان أن يرسخه في اذهاننا، وهو أن هذه الحكاية مترجمة مباشرة عن اللغة الإغريقية [2] ، إلا أن نفترض أن مثل هذه الترجمة قد تم في تاريخ مبكر جدا قد يرجع إلى العصر الجاهلي.
وفي عهد المنصور العباسي نفسه نصادف خرافة أخرى يرويها وزيره أبو أيوب المورياني، فقد كان أبو أيوب يخشى المنصور، فيما قيل، وإذا طلبه للمثول بين يديه اصفر وارتعد، فلما سئل عن سبب ذلك ضرب مثلا فقال: زعموا أن بازيا وديكا تناضرا، فقال البازي للديك: ما أعرف أقل وفاء منك، فقال: وكيف؟ قال: لأنك تؤخذ بيضة فيحضنك أهلك وتخرج على أيديهم فيطعمونك بأكفهم حتى إذا كبرت صرت لا يدنو منك أحد إلا طرت ها هنا وها هنا وصحت، وإن علوت حائط دار كنت فيها سنين طرت وتركتها وصرت إلى غيرها، وأنا أوخذ من الجبال وقد كبرت سني، فأطعم السيء القليل وأونس يوما أو يومين ثم أطلق على الصيد فأطير وحدي، فآخذه وأجىء به إلى صاحبي، فقال له الديك: ذهبت عنك الحجة، أما لو رأيت بازيين في سفود ما عدت اليهم أبدأ، وأنا كل يوم ووقت أرى السفافيد مملوءة ديوكا، وأقيم معهم، فأنا أوفى منك لو كنت مثلك [3] . [1] البلاذري، أنساب الأشراف 3: 152 وانظر محاضرات الراغب 2: 417. [2] انظر ما تقدم ص: 51. [3] الحيوان 2: 362 والأذكياء: 256 والدميري 1: 101 والجهشياري، كتاب الوزراء والكتاب: 102 ومحاضرات الراغب 2: 417 والغيث 1: 209.
نام کتاب : ملامح يونانية في الأدب العربي نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 76