نام کتاب : ملامح يونانية في الأدب العربي نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 75
ليقدمه لها، دلالة على حسن نيته، قالت الحية له: " لن نستطيع أن نعود إلى ما كنا عليه لأني حين أرى أثر الضربة سأتذكر الفأس، وأنت حين ترى سرير ابنك خاليا ستتذكر إساءتي إليك " [1] .
هذه الخرافة ترجع فيما يقال إلى أصل هندي [2] ، ومع ذلك فإننا نلحظ فيها تغييرا أساسيا في الرواية العربية، وذلك هو جعل المقتول أخا لا ابنا، لأن ذلك هو الذي يتفق مع النسبة الكبرى من قصائد الرثاء في العصر الجاهلي [3] .
وبعد العصر الجاهلي تصبح هذه الروايات أو الخرافات، جزءا هاما من الأدب الإسلامي، حتى إن رواتها لا يترددون في نسبة مثلها إلى الرسول. فقد نسب إلى النبي قوله: " مثل الذي يفر من الموت كالثعلب تطلبه الأرض بدين، فجعل يسعى حتى إذا أعيا وانبهر دخل جحره، فقالت له الأرض: يا ثعلب ديني ديني، فخرج فلم يزل كذلك حتى انقطعت عنقه فمات ([4]) ". وترد قصة الأثوار الثلاثة في خطبة لعلي ابن أبي طالب، على النحو التالي: " إنما مثلي ومثل عثمان كمثل ثلاثة أثوار كانت في أجمة، أبيض وأسود وأحمر، ومعها أسد فكان لا يقدر منها على شيء لاجتماعها عليه، فقال الأسد للثور الأسود وللثور الأحمر: إنه لا يدل علينا في أجمتنا إلا الثور الأبيض، فإن لونه مشهور، ولوني على لونكما، فلو تركتماني آكله خلت لكما الأجمة وصفت، فقالا: دونك وإياه فكله، فأكله، ومضت مدة على ذلك ثم إن الأسد قال للثور الأحمر: لوني على لونك فدعني آكل الثور الأسود، فقال له: شأنك به، فأكله، ثم بعد أيام قال للثور الأحمر: إني آكلك لا محالة، فقال: دعني أنادي ثلاثة أصوات، فقال افعل، فنادى: إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض (قالها ثلاثا) [5] ، وهذه أيضا من قصص إيسوب [6] . [1] دالي رقم: 573 ص: 261 وبابريوس، الملحق: 530. [2] عابدين: 42 - 43 نقلا عن:.Ency. of Religion and Ethics [3] بعض الأمثلة قد يكون هاما في تبيان هذه الحقيقة مثل مراثي لبيد والخنساء وكعب بن سعد الغنوي ودريد بن الصمة ومتمم بن نويرة وغيرهم. [4] الدميري 1: 164. [5] الدميري 1: 167، والمستقصى 1: 417 والميداني 1: 17. [6] بابريوس رقم: 44 ص: 59.
نام کتاب : ملامح يونانية في الأدب العربي نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 75