نام کتاب : ملامح يونانية في الأدب العربي نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 77
وهذه القصة؟ وإن لم توجد في خرافات إيسوب - تدل على أن نقل كليلة ودمنة إلى العربية، في حدود هذه الحقبة التي نومئ إليها، كان يمثل رغبة الناس في هذا اللون من الأمثال، كما أنه أيضا كان ذا أثر في توجيه الأنظار إلى الينابيع الفارسية والهندية التي يستمد منها ذلك الأدب. وحين نجد أن أبان بن عبد الحميد اللاحقي وغيره قد نظموا قصص كليلة ودمنة [1] ، ليسهل حفظها في أغلب الظن، وأن سهل بن هارون قد عارضها بكتاب سماه " ثعلة وعفرة " [2] يتجلى لنا أن الاهتمام بهذا اللون من الأدب كان آخذا في الازدياد، رغم أن مصادرنا من القرن الثالث لا تؤيد هذه الحقيقة على نحو مباشر [3] ، ولكن يحق لنا أن نعتبر مصادر القرن الرابع، مصداقا على ما كان يجري في القرنين السابقين، وبخاصة كتب المختارات المتنوعة مثل البصائر للتوحيدي، فإنما هي عودة إلى تنسيق ضروب النشاط الأدبي في ذينك القرنين السابقين.
ولما كان ما يهمنا من ذلك الأدب هو مدى لقائه بنظيره اليوناني، فإني سأعرض؟ في إيجاز - نماذج تمثل ذلك اللقاء، على أن يرد أكثر الحكايات بشكله الكامل، في ملحق خاص بها [4] .
1 - قصة الشيخ الذي نصب للعصافير فخا، وضربه البرد، فكلما قبض على عصفور، دمعت عينه مما كان يصك وجهه من برد الشمال، فظنته العصافير امرءا صالحا رقيق الدمعة، فقال عصفور منها: لا تنظروا إلى دموع عينيه، ولكن انظروا إلى عمل يديه (الحيوان 5: 238 - 239 وملحق بابريوس رقم: 193، ص 458) ، وقد مرت حكاية أخرى عن مناسك نصب فخا (انظر: 72 فيما تقدم) ، ويمكن أن تقارن [1] من هؤلاء الذين نظموا كليلة ودمنة أيضاً سهل بن نوبخت وعلي بن داود كاتب زبيدة، انظر عبد الله بن المقفع لمحمد غفراني خراساني (ط. القاهرة) ص: 255. [2] نشرت قطعة من هذا الكتاب في حوليات الجامعة التونسية (العدد الأول، ص 19 - 40) بعنوان: النمر والثعلب، تحقيق عبد القادر المهيري. [3] لم يعره الجاحظ اهتماما كثيرا في الحيوان، وكذلك ابن قتيبة في عيون الأخبار والمبرد في الكامل؟ الخ. كما ان كتب الأمثال حتى عهدئذ أبرزت جانبا من البيئات المحلية للأمثال دون أن تعنى كثيرا بالمؤثرات الخارجية. [4] انظر الملحق الأول في آخر الكتاب.
نام کتاب : ملامح يونانية في الأدب العربي نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 77