responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 472
ومن قبيل هذا قوله:
وما أذن النوم لما أقاموا ... صلاة الجنازة يوم الوفاة
وأذن للطفل يوم الولاد ... فهذا الأذان لتلك الصلاة
وقد اقتفى فيهما أثر ابن الرومي عن قوله:
لما تؤذن الدنيا به من صروفها ... يكون بكاء الطفل ساعة يولد
وإلا فما يبكيه منها وإنها ... لأرحب مما كان فيه وأرغد
وقد علق الأستاذ العقاد على هذه المعارضة بقوله: "إنه يعتسف أحيانًا ويهتدون، ومن أمثلة ذلك فيما تقدم قوله في أذان الولادة وصلاة الجنازة، وقول ابن الرومي في بكاء الوليد عند استهلاله، فإن بكاء الطفل وهو يخرج من ضيق الرحم إلى سعة الدنيا مثل صادق من تصاريف الحياة، ومثل شائع بين جميع الناس، وأما النسبة بين أذان الولادة وصلاة الجنازة فهي مناسبة "موضوعة طارئة" لا توافق هذا المعنى المتصل بالمولد والممات، وهما أعم شيء وأعمقه في وجود الإنسان، وقد كان جائزًا أن يختلف الأمر فنصلي شكرًا للولادة تؤذن إعلانًا للوفاة، وقد جاز عند ملايين من الأحياء ألا تقام الشعيرتان، فالفرق بين معنى ابن الرومي ومعنى البكري هو الفرق بين المناسبة الموضوعة والمناسبة الصادقة التي لا يؤثر فيها اختلاف الشعائر والعادات والأقوام والأزمان"[1].
هذا هو كل ما قاله البكري من الشعر، لا يزيد عن أربع قصائد وبعض مقطوعات وشذرات ضمنها آراءه العارضة وخطراته، وبهذا يصدق عليه قول مطران: بأنه لم تكن له جامعة تربط بين أجزاء شعره، وأنه كان مقلًا في هذا الشعرن وقد علل الأستاذ العقاد لهذه القلة بأن البكري كان يكتب كثيرًا، ولا ينظلم إلا عرضًا في أثناء الكتابة، أو في خاطره عابرة قلما يسترسل معها إلى الإطالة، فاتسعت له في النثر مجالات السليقة الشاعرة، ظهرت فيه لفتات الشاعر وأغراضه وخصائص ذوقه وفكره، ولعله لو أطال النظم كما أطال النثر لكثرت موضوعاته، وتساوت في هذه المزية قصائده ومقاماته، وربما كان البكري ممن يرون كما كان يرى الأقدمون "أن الشعر أسرى مروءة الدنى، وأدنى مروءة السرى"، وأن الانقطاع له والإكثار منه لا يجملان بصاحب المقام الديني والحسب

[1] شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي ص57- 58.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 472
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست