responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 457
ولا ريب أن البكري لم يكن خبًّا لمية وديارها بالأجزع، وإنما هو محاكاة لطريقة الأقدمين في نظم الشعر، ولم يكن البكري ممن يصبو إلى زمن الغابر ويتمنى عودته إلى نعف الغوير والحاجر إلا على التأويل أنه قرأ عن هذه الأماكن كثيرًا ويود لو أتيحت له الفرصة ليراها رأي العين، فليس البكري كعبد المطلب في حنينه إلى البادية؛ لأن عبد المطلب كان يحن إليها عن عاطفة وإخلاص، لنشأته في بيئة قريبة منها، ولاعتزازه بانتسابه إلى البدو، أما البكري فقد نشأ في بيت ترف ومجد في أحضان القاهرة، ورأى من معالم الحضارة الأوربية الشيء الكثير، ولم يكن على الرغم من شرف محتده وعلو نسبه ممن يشتهي الرجوع إلى البادية أو يعتز بها، ولكنه حنين أتى إليه من الكتب ومن المحاكاة. والأبيات ليست فيها أي عاطفة أو سمات تصح عن شخصية الشاعر.
وكثيرًا ما يلجأ إلى هذا النوع في ابتداء القصائد التي يحتفي بها كقصائد المديح متبعًا في ذلك خطة كبار الشعراء الذين يعارضهم أو يعجب بهم، فأبو نواس على الرغم من ثورته على هذه الطريقة ظل يتبعها حين يمدح أمير المؤمنين أو أحد الولاة.
ونرى هذا لدى البكري عن مدحه للخديوي عباس
ألا جمعى شمل الدموع المبددا ... وردى لجفنيك المنام المشردا
وإن تجزعي للبين لست بجازع ... ولا تارك رأي الصواب المسددا
والجزع وسح الدموع ساعة الفراق مما ردده كثير من شعراء العربية؛ وهذا هو المتنبي يقول:
ولم أر كالألحاظ يوم رحيلهم ... بعثن إلينا القتل من كل مشفق
عشية يعدونا عن النظر البكا ... وعن لذة التوديع خوف التفرق
نرى هذا كذلك في أول قصيدته مصر التي أشرنا إليها فيما سلف عند الكلام على التغني بالطبيعة المصرية في الشعر الحديث:
أديار مي تنظر ... فدموع عينك تمطر

نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست