responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 456
ولعلك رأيت من هذه الأمثلة أن البكري كان يعدل عن الكلمة المعروفة إلى الكلمة غير المألوفة ولو كانت مما يغفر منه السمع مثل "ابذعروا" أو "جأواء"، و "دردبيس"، وأنه كان يجمع بين المثل الشارد واللفظ الغريب أحيانًا.
وإذا نظرنا إلى شعر البكري وجدناه كما قال مطران، لا تنتظمه فكرة. أو يصدر فيه عن مذهب خاص معين، بل كان الشعر عنده وسيلة من وسائل التعبير، وحسبه أن يظهر بأنه يملك هذه الوسيلة، حتى لا يكون أدنى من سواه ممن يتصدورن في موكب الأدب، ولما كان البكري من رجال الدين وشيخ الطرق الصوفية كان من الطبيعي ألا ينطلق على سجيته في الشعر، ويخوض في كل أغراضه، ويعبر بحرية عما يجيش في نفسه.
الشعر فيض الوجدان يظهر في صورة موسيقية جذابة، والوجدان ينفعل بمؤثرات عديدة فإذا كان الشاعر غير متزمت، أو متحرج مما يصدر عنه جاء شعره صادق العاطفة، معبرًا عن حقيقة نفسه، ولكنه إذا كان مثل البكري رجل دين، وسيدًا من الأشراف الذين يحتلون في المجتمع منزلة رفيعة كان من الطبيعي ألا يستجيب في شعره لكل ما ينفعل له وجدانه. ولهذا لا نرى للبكري غزلًا عاطفيًّا قويًّا وإنما هو نسيب يأتي به في أوائل القصائد محاكاة للأقدمين في طريقتهم وتشبيهاتهم، ووقوفهم على الأطلال من غير أن تكون ثمة أطلال، واستمع إليه يقول من قصيدته ذات القوافي:
سقى دور مية بالأمرع ... مسف من الدجن لم يقلع1
ولو ترك الشوق دمعًا بجفني ... سقيت المنازل من أدمعي
شجى يحن لألافه ... ويصبو إلى دهره الغابر
فهل عائد لي زمان مضى ... بعنف الغوير إلى الحاجر2

1 الأمرع: المكان فيه سهول ورمل، وهو هنا مكان بعينه.
2 النعف: المكان الرتفع، والغوير تصغير غور، وهو ما تداخل وهبط، والأغوار في جزيرة العرب كثيرة والحاجر: منزل للحاج في البادية.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 456
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست