responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 413
فهل لك في صفو عيش رجاء ... ومن دون سلمى فياف وبيد
رعى الله عهدك من عالج ... وحيا ربوعًا حوتها زرود1
وعهد الهوى بيننا قائم ... أو أخيه محكمة والعقود
ليالي اللهو بها لا أخاف ... القلى والحواسد عنا رقود
إلى غير ذلك من هذا النسيب الذي يدل بادء الأمر على أنه مفتعل لم يصدر عن عاطفة وإنما قيل محاكاة للأقدمين في ابتدائهم القصائد بمثل هذا النسيب، ويدل بعد ذلك على عدم ابتكار في أي معنى من معانيه، فكله ترديد لما قال شعراء الجاهلية والعصر الأموي، ولا أود أن أقول العصر العباسي لأن هؤلاء ربما افتنوا في المعاني، ويدل ثالثًا على خيال بدوي لشاعر يقيم في الصحراء، وتشتد حساسيته للبرق، ولقدوم الليل، ولريح الشمال حين تهب، وتحرك الغصن، وللطير حين ينوح، وللحادي الذي ينشد المطايا يستحثها على السير؛ لأن لهذه الأمور معنى لديه، إذ تذكره ببعض التغيير في حياته الرتيبة؛ ولأن في بعضها منافع له كالبرق وهو نذير المطر، والحادي وهو يقدم القافلة سواء كانت آتية بتجارة، أو ذاهبة بها، فهذه أمور تتصل بحياة البدور ويهتمون بها أكثر من اهتمام الحضر له. ثم ألا تراه يتذكر عهدها بعالج وزرود، وأين الشاعر من عالج وزرود وهو يعيش في حضن النيل العظيم وفي كنف القاهرة عروس الشرق؟. إن هذا تقليد عجيب عللنا له فيما سبق بأن خيال الشاعر يفلت منه أحيانًا، ويهيم بالبادية، ثم أين هو الحادي الذي يحدو الركب، فيبكيه ويشجيه، وليس في مصر إلا القطر البخارية؟ وهل حقًّا من دون سلمى فياف وبيد؟ أتقيم سلمى في مصر أم في الجزيرة العرب؟ إن كل هذا يدل، ولا ريب، على أنا الشاعر يحاكي بهذا البيت شعراء البادية، بل إن لشعراء البادية غزلًا عاطفيًّا جميلًا ينم عن لوعة ترعى الفؤاد، ونار غرام عاتية، وقد افتنوا في المعاني الغزلية، وأتوا بكثير مما يقال في إخلاف الوعد، والهجر، والشوق، والعذال، واللقاء، وحسبك أن تقرأ شعر جميل بن معمر. وكثير عزة، وقيس بن الملوح، استمع إلى قيس بن الملوح يقول في ريح الصبا وأثرها في نفسه ومنزلتها عنده:

1 عالج: رملة بالبادية وقيل: هي رمل بين فيدو القريات ينزلها بنو بحتر من طيئ وهي متصلة بالثعلبة على طريق مكة، لا ماء بها ولا يقدر أحد عليها، وزرود: رمال بين الثعلبة والخزيمي بطريق الحاج إلى الكوفة.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 413
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست