responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 403
ألا ترى عبد المطلب في هذا الوفاء، وفي تلك السجايا الغر التي ذكرت لك طرفًا منها يمثل فتى من فتيان البادية الأقدمين وكأنك تتمثله عنترة الفوارس، أو عروة بن الورد أو حاتم طيئ، أو ربيعة بن مكدم في شهامته، وقوته، وكرمه، ووفائه، وذرابة لسانه، وبعده عن الدنايا:
ومن كان مثلي في ذرا الأدب اعتلى ... يعاف الدنايا شيمة والرذائلا
ورثت أبا بكر خفارًا وعزة ... ومن بعده أورثت في المد واصلا
بها ليل في عليا جهينة أصعدوا ... على خير ما يحذو الأخير الأوائلا
فذرني أسر حيث المكارم واحدلي ... على نغمات المجد إن كنت فاعلا
وهو يتغزل على طريقة العرب ويبتدئ قصائده بالنسيب، وهذا لا شك تكلف منه لا يصدر عن عاطفة ولكن عبد المطلب يحب الجمال في عفة، وهو يتغزل في هذا الجمال، والعربي مرهف الحس، جياش العاطفة، ذواقة للجمال، وإذا أضيف إلى هذا الميل نحو الجمال، دين وخلق، شاعرية، رأينا عبد المطلب لا ينحدر في غزله إلى فحش اللفظ، والتغني بمفاتن النساء في مباذلهن ولا يصبوا إلى دنس الهوى.
وما أنا من يصبو إلى دنس الهوى ... ولا ضل في نهج العفاف دليلي
إنه يعشق الجمال، ويغري به؛ لأن له نفس شاعر، وذوق فنان، ولكنه لا يتبع النفس اللجوج هواها، ولا ينزلق في تيار الغرام وحسبه من ذلك الجمال هذه المتع المعنوية التي تنتشى لها نفسه، ولا يذهب في حميا هذه المتعة رشدها، إنه ينام ملء جفونه شأن من لم يعلق قلبه بشباك الغرام.
وما شغلت عيني عن النوم صبوة ... بها شاقني طرف من العين أبرج1
ولم ينسنى حظى من الحلم والنهى ... جبين يروع الشمس بالحسن أبلج

1 الأبرج: الذي يحيط بياض عينيه بسوادهما فيظهر السواد كله لا يختفي منه شيء.
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 403
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست