responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 400
فبكل فصل منك مظهر أمة ... من أهلها وبكل يوم جيل
ولو استدار به الزمان لأصبحت ... لك في عكاظ من البيان فصول
هذه هي المدرسة العريقة التي درس فيها عبد المطلب اللغة والأدب على أعلامها في عصره ولهج لسانه وهو بعد طالب بالشعر القوي الفصيح، وهي بيئة عربية خالصة، لا تعرف من الثقافة الغربية إلا القدر اليسير الذي يمت إلى العلوم العربية بصلة أو يزود الطالب بحظ من الثقافة العامة، أما اللغات الأجنبية، فكانت على هامش الدراسة أحيانًا لا يعني بها الطلبة كثيرًا، وقد ألغيت في عهود مختلفة، ولم تحتل في نفوسهم مكانة ممتازة؛ لأنهم يتعملونها في الكبر، ولا ريب أنهم لم يعرفوا عن الأدب الغربي ومذاهبه وأنواعه إلا القليل عن طريق الترجمة، وقد كان هذا المترجم ضئيلًا في عهد عبد المطلب، وأشك في أنه كان يتذوق مثل هذا الأدب أو يعجب به.
وقد أثرت هذه النشأة العربية الخالصة في أخلاق محمد عبد المطلب، فقد ورث عن العرب كثيرًا من صفاتهم، وأعجب بمثلهم الخلقية العليا، ومكن الدين الإسلامي الذي شب بين تعاليمه وتقاليده، ودرسه في الأزهر ودار العلوم هذه الصفات في نفسه، يتمثل هذا الخلق العربي الإسلامي في عبد المطلب حينما تقرأ شعره. إذ يطالعك في كل قصيدة بنفسه سافرة مجلوة، لا تضمر نفاقًا أو رياء. وللخلق والطبع أثر عظيم في اتجاه الشاعر؛ لأنه هو الذي يوجهه نحو الأغراض المختلفة، فإن كان كريم النفس أبيًّا، مترفعًا عن السفاسف ربأ بنفسه عن شعر المداهنة والرياء، والمدح الكاذب، والوصول عن طريق القول المزوق والخداع المنمق إلى ما تصبو إليه نفسه التي تستهين بالمثل العليا في سبيل غايتها، واتجه نحو الوطنية الصادقة، والحماسة للحق، والغرام بالخير إلى غير ذلك من الأغراض الشريفة.
تراه لا يرثي إلا صديقًا: ولا يمدح إلا شكرًا على مكرمة أسديت إليه، أو لأن الممدوح حقق هدفًا جميلًا من الأهداف التي ترمقها نفسه وترعاه، وهكذا كان عبد المطلب.

نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 2  صفحه : 400
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست